بترتب المقدمات.
واما الغيبة مثلا فيمكن ان يمنع نفسه منها وهكذا فان قلت ما هو المرفوع يكون الفعل والحسد ليس بفعل من النّفس قلت كيف وهو فعل جوانحي فالمرفوع هو أصله لا آثاره فتحصل ان حديث الرفع يكون تام الدلالة للبراءة بفقرة ما لا يعلمون.
فصل في سائر الأحاديث الدالة على البراءة
اعلم ان هنا أحاديث أخر تمسكوا بها للبراءة ونحن أيضا نتمسك بها تتبعا للشيخ الأعظم والخراسانيّ قدهما.
منها حديث الحجب ـ قوله عليهالسلام (١) ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم.
وتقريب الاستدلال هو ان الحكم المشتبه يكون مما حجب الله علمه عن العبد فلا يكون مكلفا به وحجب كل شيء بحسبه وقد أشكل عليه بان الحكم اما ان يكون إنشائيا بمعنى وجود الاقتضاء له ويعلمه الرسول صلىاللهعليهوآله ولا يكون مأمورا بتبليغه واما ان يكون مأمورا بتبليغه وبلغه ولم يصل إلينا بدس الدساسين والكلام في بحث البراءة هو الثاني لا الأول والحديث ينفيه لا الثاني فان نسبة الحجب إلى الله تعالى تكون في صورة ان يكون المنع منه تعالى لا من الدساسين فلا يفيد المقام.
أقول ان هذا الحديث يكون في الشبهات الحكمية لو كانت دلالتها تامة ولا يكون فيه إشكال حديث الرفع كما مرّ من انه يكون في الشبهة الموضوعية لأن المراد بما لا يعلمون هو الفعل الخارجي بقرينة السياق وان أجنبا عنه والإشكال الّذي يكون فيه دون حديث الرفع هو ان الموضوعات يكون حجبها من الناس أو من الخارج مثل الظلمة المانعة عن رؤية ان هذه الرطوبة الفلانية دم أم لا وهذا الحديث يحكم بوضع ما يكون حجبه من الله تعالى.
__________________
(١) في الوسائل كتاب القضاء باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٢٨.