فصل في حكم دوران الأمر بين المحذورين (١)
فنقول إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته لعدم نهوض حجة على أحدهما تفصيلا بعد نهوضها عليه إجمالا ففيه وجوه : الحكم بالبراءة عقلا ونقلا ووجوب الأخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا والتخيير بين الفعل والترك عقلا مع التوقف عن الحكم به رأسا أو مع الحكم بالإباحة شرعا أوجهها الأخير لعدم الترجيح بين الفعل والترك.
أقول من دأب القوم هو البحث عن أصالة التخيير في ذيل أصل البراءة باسم الخاتمة وعدم انعقاد فصل على حدة في ذلك وهذا يكون لقلة مباحثه فان أصالة البراءة وأصالة الاشتغال والاستصحاب يكون لكلها فصل على حدة من جهة كثرة المباحث ثم البحث في المقام يكون من دوران الأمر بين المحذورين مثل العلم بان هذا اما واجب أو حرام وهو اما أن يكون في التوصليات أو التعبديات مع تعدد الواقعة ووحدتها مثل العلم بان هذا المعين اما واجب أو حرام والبحث يكون فيما يكون توصليا والكلام كله هنا في أنه هل يمكن تصوير التخيير تعبدا أم لا فانه لا إشكال في صحة التخيير في صورة كون الواقعة مرددة بين امرين وجوديين مثل وجوب صلاة الظهر أو الجمعة انما الإشكال في الأمرين الذين أحدهما وجودي والآخر عدمي فتصور الخراسانيّ قده التخيير في هذا المقام أيضا بقوله أوجهها الآخر لعدم الترجيح بين الفعل والترك وشمول مثل كل شيء لك حلال إلى آخر كلامه.
ولكن (١) لا وجه لما اختاره كما هو مختار شيخنا النائيني قده (٢) وحاصل الاستدلال
__________________
(١) والبحث في الرسائل في المطلب الثالث ص ٢٢٢.
(٢) أقول ما اختاره قده لا يكون هو التخيير الفقهي أيضا بل هو التخيير الأصولي الّذي يقول به العراقي (قده) والأستاذ مد ظله وكذلك الإباحة الشرعية والتخيير الفقهي يكون بعد إثبات الحكم فقها مثل خصال الكفارات وهو في المقام يكون الكلام فيه.
(٣) في الفوائد ص ١٦١