المسلك الثالث
للميرزا النائيني (قده) وحاصل كلامه هو ان العقل مستقل بأن المتجري صدر منه فعل قبيح فخرج به عن رسوم العبودية ويكون طاغيا ولكن لا يكون القبح للفعل بل للفاعل وما هو المناط هو اعتقاد المتجري فان الجاهل لا يعاقب ولو كان الواقع قبيحا فالواقع لا دخل له في الحسن والقبح بل الاعتقاد ومدار الطغيان يكون التصور فحاصل الكلام انه (قده) قال : للفعل حيثيتان حيثية الصدور عن الفاعل وحيثية نفسه فبالأولى قبيح وبالثانية لا قبح فيه.
وبعبارة أخرى ان الفعل له جهتان الإيجادية والوجودية والإصدارية والصدورية فمن جهة الإيجاد والإصدار قبيح ومن جهة الوجود والصدور ليس بقبيح فالفعل صار ذا وجهين فالجهة الفاعلية قبيحة والفعلية حسنة.
ويرد عليه ان الإيجاد والوجود لا ينفكان ولا تفكيك من حيث الإيجاد والوجود وهذا الكلام منه بعيد لأنه من أهل فن الفلسفة هذا أولا وثانيا على فرض عدم الإضافة الإشراقية يكون الانتساب اعتباريا فالفعل الخارجي مع ذلك كله الحيث الاعتباري القبيح فيه وهو عنوان الهتك جاء قبحه من قبل الفعل أو من الإضافة فان كان عنوان الهتك من جهة الإضافة فقبيح ومن قبل الفعل أيضا قبيح والإضافة بين الفعل والفاعل يصيّر الفعل قبيحا فلم ينفك أحدهما عن الآخر.
ولكن التحقيق ان الشيخ والميرزا وقعا في الإشكال من جهة اجتماع الضدين وقد مرّ في المسلك المختار ان الكلام لا يكون في الحسن والقبح ويكون في المصلحة والقبح فرمي الجمرة يكون ذا مصلحة ولا يكون في نظر العقلاء حسنا والمصلحة الكامنة صارت سببا للأمر ولا ربط له بالحسن والقبح العقلائي والتجري والطغيان لا يصيران منشأين للحكم فذات صلاة الجمعة تكون ذات مصلحة لا تسرى إلى الوجدان والوجدان يكون فيه القبح ولا يسرى إلى الخارج فعنوان الهتك لا يسرى إلى الخارج ومصلحة الذات لا تسرى إلى الوجدان.