واما المقام الثاني وهو وجوب الموافقة القطعية فهي أيضا لازمة على التحقيق ولا شبهة لأحد في أن موافقة العلم لازمة ولذا من قال بكفاية ترك المخالفة القطعية يدعى ان الموافقة تكون أعم من الوجداني والتعبدي فان دليل البراءة في طرف واحد إذا كان جاريا يكون مفاده هو الاكتفاء عن الواقع بواحد تعبدا.
والشيخ الأعظم (١) قده أيضا يكون قائلا بوجوب الموافقة القطعية ويكون العلم علة تامة لذلك عنده وليس قائلا بالاقتضاء كما توهمه بعض الناظرين إلى عبارته كما أنه في صورة قيام الأمارة على أن النجس مثلا هو هذا الكأس الأبيض يحكمون بالانحلال أو الاكتفاء عن الواقع بالواحد المعين وعلى هذا يقولون بأن أدلة البراءة حيث تكون عامة ويشمل كل طرف لوجود الشك التفصيلي ومن جهة المضادة مع العلم لا يمكن جريانها في الطرفين لا بد من القول بالتخيير مثل موارد التخيير بين الأمارتين المتعارضتين.
فصل في ان العلم الإجمالي مقتض أو علة تامة
أقول يجب علينا البحث في المقام عن مقامات أربعة الأولى في وجوب الموافقة القطعية كوجوب ترك المخالفة القطعية وإثبات كون العلم علة تامة والثاني البحث في الانحلال والثالث البحث في جعل البدل والرابع البحث في التخيير.
ففي المقام الأول نقول العلم علة تامة بعين الدليل السابق في كونه كذلك بالنسبة إلى المخالفة القطعية وهو أن العلم صفة في النّفس والنجاسة صفة في الخارج فإذا علمنا بأن النجاسة في الخارج موجودة بين الكأسين نعلم أن الحكم بالاجتناب عن النجس الخارجي يكون في البين والترخيص في طرف واحد أو الأطراف يكون من الترخيص في المعصية وهو قبيح على المولى.
__________________
(١) فانظر إلى نصه في المقام الثاني في ص ٢٢٩ من الرسائل فالحق وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين وفاقا للمشهور.