الجهة الثانية في البحث الأصولي
وهو انه هل يكون عنوان التجري بعد اختيار القبح موجبا لتحقق الحرمة وانه كان سببا للمفسدة فكان حراما شرعا أو لم يكن سببا لها فلم يكن كذلك وبتقرير آخر هل عنوان التجري بواسطة تطبيق عنوان الهتك يكون منشأ لحكم تكليفي مستقل أم لا فان قلنا بإيجاد المفسدة في التعلق فيكون قبيحا عقلا وحرام شرعا وإلّا فلا. وجهان عند الاعلام.
والتحقيق ان التجري لا يوجد المفسدة حتى يصير سببا للحرمة لأمور :
الأول : انه لا ينكر ان العناوين الثانوية تارة توافق العنوان الأولى فيؤكده وتارة تكون مخالفة فينقلب الواقع فالخمر بالعنوان الثانوي لأجل المعالجة ينقلب حرمته ومثل السلام على المؤمن وان كان مستحبا بالعنوان الأولى ولكن بالعنوان الثانوي وهو لزوم هتك العالم المجتهد من تركه يصير واجبا فمناط العنوان الأولى آكد بالثانوي إلّا ان عنوان التجري لا يكون مولّد مصلحة ومفسدة في المتعلق والسر فيه ان العنوان الأولى والثانوي تارة يكون من الطبائع الكامنة وأخرى من العوارض فمثل شرب الخمر يكون ذا مفسدة بالعنوان الأولى فإذا انحصر معالجة المريض به يكون فيه المصلحة وهي أيضا كامنة فيه وانه بالأثر الذاتي يكون موجدا لهذه المصلحة ففي هذه الموارد لا نتحاشى عن الانقلاب والتأكيد وتارة يكون العنوان عنوانا عارضيا لا ربط له بواقع الشيء مثل ان القيام في مورد خاص يكون تعظيما والجلوس عند مورد يكون توهينا والتوهين والتعظيم لا يكونان في جرم القيام والقعود وهما من العناوين القصدية فلاحظ العناوين الثانوية التي تكون في الأدوية التي تكون في ذاتها.
والحاصل ان العناوين تارة تكون من العوارض لأمر خارجي وتارة تكون قائمة باعتبار المعتبر فبعد تصديق هذه الضابطة ففي باب التجري والانقياد لا يولّد هذه العناوين شيئا من المصلحة والمفسدة في المتعلق فعنوان مقطوعية الحرمة في