المقدمة الثانية
في طريق جعل الأحكام وكيفيتها والأقوال الواردة فيها فنقول ان الأقوال والمسالك هنا أربعة : الأول : ان يكون في موارد الأصول والأمارات أحكام ظاهرية مجعولة والثاني : ان لا يكون حكم ظاهري أصلا بل الأحكام كلها واقعية ومفاد الأصول والأمارات هو انحفاظ الواقع كما هو التحقيق والثالث : ان يكون الأحكام الظاهرية في موارد الأصول مجعولة في طول الواقعية وهو مذهب الخراسانيّ (قده) دون الأمارات والرابع : عكس الثالث وهو ان تكون في مورد الأمارات مجعولة دون الأصول.
ثم ان عرفت ذلك فقد ورد في تثليث الشيخ الأقسام إلى القطع والظن والشك إشكالات : الأول : هو ان المراد بالحكم ان كان الواقعي منه لا خصيصة للقطع لأنه على مسلكه (قده) لنا أحكام ظاهرية ولا يمكن ان يكون مراده القطع فقط وان كان أعم من الظاهري والواقعي فلا وجه للتثليث لأن الأمارات والأصول إذا كان في موردها حكم ظاهري ففي جميع الموارد يحصل القطع بالحكم الكذائي ولا ظن ولا شك وان كان المسلك مسلك من قال في الأمارات بالحكم الظاهري في موردها فيصير قسمين القطع والشك لأن الظن داخل تحت القطع وان كان المسلك مسلك من قال بالحكم الظاهري في الأصول فأيضا يصير قسمين لأن الشك داخل في القطع فيبقى قسمان القطع والظن :
والحاصل على أي تقدير يصير الحكم الظاهري داخلا في الحكم الواقعي ولا وجه للتثليث :
والتحقيق. ان انقسامه إلى الثلاثة صحيح على ما ذهب إليه من انه لا حكم ظاهري لنا أصلا بل كلها واقعية ولا أثر في الاخبار من هذا المقال وعلى هذا فتقسيم الشيخ في غاية المتانة لأن المكلف بحسب الوجدان يحصل له هذه الأقسام والعدول عنه على جميع التقادير يصير بلا وجه وغير تام لأن النّفس لا محالة يحصل له