الأمر الخامس
في بيان ان الشك واليقين فيه يجب أن يكونا فعليين ولا اعتبار بالتقديري منهما والدليل عليه.
أولا ان كل عنوان من العناوين إذا أخذ في لسان دليل يكون ظاهرا في دخله فعليا فإذا امر المولى بإكرام العالم يكون عنوان العالمية مما يجب ان يكون فعليا ليترتب الحكم عليه فانه دخيل فيه فإذا ورد لا تنقض اليقين بالشك يكون معناه عدم جوازه نقض اليقين الفعلي بالشك الفعلي فمن لم يكن عالما بشيء في زمان وشاكا في زمان آخر أو في طول اليقين لا يكون أركان استصحابه تاما.
وثانيا يمكن إقامة البرهان على ما ذكر مضافا إلى ظهور لسان الدليل وهو ان الفرق بين الأحكام الظاهرية والواقعية هو ان الثانية يكون الحكم على الواقع فيها ولا دخل لعلم المكلف وجهله بالحكم حتى انها تشمل النائم والساهي.
واما الأولى وهي الأحكام الظاهرية فلا شأن لها الا التنجيز وبيان وظيفة الشاك وهي لا تحصل الا مع الالتفات بما هو موضوع الحكم من الشك واليقين فإذا لم يكن المكلف شاكا لا يكون الحكم في حقه فعليا ومنجزا والتقدير بأنه لو التفت لشك لا يفيد.
ولا فرق فيما ذكر بين كون مفاد الدليل هو تنزيل المتيقن منزلة المشكوك كما هو رأى شيخنا النائيني قده أو تنزيل اليقين منزلة الشك كما هو رأينا لأن إحراز العنوان لازم على ما هو ظاهر الدليل غاية الأمر على المبنى الأول وأن كان لا شأن للشك واليقين من حيث ذاتهما ولكن في مقام ترتيب أثر المتيقن على المشكوك لا بد من إحراز عنوان الشك واليقين ليتصور المشكوك والمتيقن ومن هنا يتم البرهان أيضا على كلا المسلكين بعدم الموضوع للحكم الظاهري قبل تعلق الشك الفعلي بالمشكوك الفعلي وقبل تعلق اليقين فعليا بالمتيقن.