الأمر الثاني
قد عرفت مما مر ان قاعدة التجاوز تكون في صورة الشك في أصل الوجود وقاعدة الفراغ تكون في صورة الشك في صحة الموجود على فرض تعدد القاعدتين كما هو المختار لاختلاف موردهما واختلاف لسان الروايات الدالة على القاعدتين.
فعلى هذا نقول كل أثر يكون على أصل وجود الشيء يترتب على قاعدة التجاوز وكل أثر يكون على الشيء بوصف الصحة لا يترتب عليها فلو شك (١) بين الثلاث
__________________
(١) أقول الشك في الركعات لا يكون مورد قاعدة التجاوز لعدم العلم بالتجاوز عن الركعة الثالثة مثلا بعد الدخول في الرابعة وملاك التجاوز هو إحراز التجاوز عن السابقة.
مضافا بأنه لو سلم ذلك فإثبات الرابعة يكفى لإثبات الرابعية والشك في الوصف في قاعدة الفراغ يكون من الشك في وصف الصحة لا مطلق الوصف خصوصا في الأوصاف الانتزاعية عن ذات الشيء فان من تجاوز عن الركوع فقد تجاوز عن الركوعية أيضا ولا يكون الثابت بقاعدة التجاوز الركعة أعم من كونها ثانية أو ثالثة أو رابعة بل المشكوك في المثال هو وجود الركعة الرابعة فلو جرت القاعدة فتثبتها.
هذا هو الإشكال في هذا المثال واما مع قطع النّظر عنه فإذا شك في وجود شيء ثم شك في صحته على فرض وجوده فقاعدة التجاوز تثبت أصل وجوده وقاعدة الفراغ على فرض جريانها في وسط العمل تثبت صحته إذا كان في وسط العمل وعلى فرض عدم جريانها في الوسط فلا.
فهذا التنبيه مما لا يرجع إلى محصل بهذا النحو من البيان واما الاستصحاب في باب الركعات فهو يكون بالنسبة إلى عدم الإتيان وهو ساقط بالإجماع وإلّا فيمكن ادعاه ثبوت الوصف بواسطة جريان الأصل فأصالة عدم إتيان الرابع من الركعات تثبت ان الموجود هو الثالث على فرض القول بخفاء الواسطة كما لا يبعد.