الأمر الثالث
في ان المراد بالصحّة التي يحمل عليها فعل المسلم هل هي الصحة عند العامل أو الصحة عند الحامل أو الصحة الواقعية فان الصحة قابلة للتقسيم كذلك.
والحق ان هذا يختلف حسب اختلاف الأدلة لحجية أصالة الصحة فان كان الدليل هو لزوم العسر والحرج واختلال النظام يكون المدار على الصحة في الواقع (١) واما الصحة بنظر الحامل أو العامل فلا يوجب الحمل عليها إصلاح النظام ورفع العسر والحرج وان كان الدليل الروايات والآيات فالمراد بها الصحة عند العامل لأن هذا هو الظاهر من قوله عليهالسلام ضع امر أخيك على أحسنه ضرورة ان المسلم يأتي بالعمل بالنحو الصحيح عنده لا عند غيره.
ثم انه هل يكون الشرط في جريانها في حق العامل هو ان يكون عالما بالحكم والموضوع بمعنى إحرازه لشرائط العمل الّذي يأتي به أو يكفى صرف إتيانه العمل ولو لم يكن عالما بالاحكام والموضوعات فيه خلاف.
واما علمه بالموضوع فمثاله ما إذا علم الغاسل نجاسة الثوب في مقابل الجاهل بها فعلى فرض عدم لزوم العلم تجري أصالة الصحة في الغسل ولازمها الحكم بطهارة الثوب.
فربما يقال ان الدليل ان كان غير العسر والحرج واختلال النظام فلا بأس بعدم علم العامل بالاحكام كما كان كذلك في صدر الإسلام فان في سوق المسلمين لم يكن الا الإعراب الذين لم يعلموا من أحكام المعاملات الا قليلا وفي مسألة حجية
__________________
(١) أقول لا فرق بين الأدلة فانه في صورة كون الدليل العسر والحرج واختلال النظام أيضا يمكن ادعاء ان إصلاح النظام يكون بواسطة حمل فعل الناس على الصحة عندهم وكذا رفع العسر والحرج فاختلاف الأدلة غير فارق هنا.