الجهة الثالثة في مرجحات باب التزاحم
فنقول بعد تمام الكلام في ضابطة التعارض والتزاحم فلا بد لنا من البحث في مرجحات باب التزاحم (واما مرجحات باب التعارض فسيأتي مفصلا لئلا تتداخل المرجحات) وهي أمور كما ذكره شيخنا النائيني قده.
الأول تقديم المضيق على الموسع مثل وجوب أداء الدين بالنسبة إلى الصلاة إذا كانت موسعة الوقت فان أداء الدين مقدم وإتيان الصلاة مؤخر.
واستدل له بأن المقتضى للأداء في هذا الوقت تام واما الصلاة بالنسبة إلى هذا الوقت تكون لا اقتضاء لوسعة وقتها والمقتضى مقدم على اللااقتضاء.
وفيه ان أصل المدعى صحيح من جهة تقدم أداء الدين على أداء الصلاة لكونه أهم واما الاستدلال فغير تام لأن وجوب الصلاة بانحلال الأمر على الطبيعي يكون أيضا مقتضيا في ظرف أداء الدين (١) فيكون من باب تزاحم المقتضيين.
الثاني تقديم ما له البدل على ما لا بدل له ومثاله ما إذا كان للمكلف الماء الّذي لا يفي الا بإزالة الخبث عن الثوب والبدن أو بتحصيل الطهارة عن الحدث فهنا قيل ان الطهارة عن الحدث لها بدل وهو التيمم واما إزالة الخبث فحيث لا بدل لها فهي متقدمة.
واستدل شيخنا النائيني قده للتقديم بهذا الوجه بتقريبين الأول ان الخطاب فيما له البدل لا اقتضاء له بالنسبة إلى ما لا بدل له ولذا يجوز إهراق الماء قبل الوقت
__________________
(١) أقول لعل مراد القائل بالاقتضاء في المضيق هو انه يحكم بان الوقت يكون لي لا لغيري واما الأمر الصلاتي مثلا فلا يحكم بأن الوقت لها هو هذا لا غير بل يحكم بوجوبها في هذا الوقت أو غيره.
وانحلال الأمر لا يضاد هذا المعنى فانه من مقومات القول بالتزاحم ضرورة عدمه بدونه.