تذييل في تقديم بعض الأصول اللفظية على بعض
ثم ان البحث حيث كان في تقديم الأمارات على الأصول العملية في هذه الجهة لا بأس بالبحث عن تقديم الأصول اللفظية بعضها على بعض ليتضح وجه الجمع بين العام والخاصّ والحاصل ان الخارج عن مورد التعارض وأدلة الترجيح لا بد من بيان وجه الجمع فيه.
وقد تعرض لهذا البحث الشيخ الأعظم قده وقد فصله شيخنا النائيني قده على على ما في التقرير وقبل الورود في وجه تقديم الخاصّ على العام لا بد من تمهيد مقدمة وهي ان اللفظ له ظهورات ثلاثة.
الأول الظهور التصوري وهو الّذي يخطر بالبال من اللفظ بعد العلم بوضعه للمعنى كما ان لفظ الأسد وضع للحيوان المفترس فبمجرد سماعه أو رؤيته في الكتاب يأتي هذا المعنى في الذهن.
الثاني الظهور التصديقي للفظ في الجمل بمعنى ما يحصل من التفاهم العرفي عند المحاورة وهو الّذي يفهم العرف من الكلام فيقول قال زيد كذا وكذا وهذا الظهور قد يوافق الظهور التصوري لمفردات الكلام وهو في صورة عدم احتفاف الكلام بقرينة المجاز وقد يخالفه وهو صورة احتفافه بما هو قرينة المجاز فالقرينة المتصلة في الكلام توجب صرف اللفظ عن معناه الوضعي إلى المعنى المجازي.
والثالث الظهور التصديقي بمعنى تطابق اللفظ المستعمل الظاهر في المعنى مع الإرادة الجدية بأن يقال ان المتكلم أراد بهذه الجملة هذا المعنى الّذي هو ظاهره فان كل ما قال المتكلم لا يكون موافقا لإرادته بل ربما يكون لكلامه ظهور لا يريده ويكون في صدد بيان إرادته بدال آخر كما إذا كان في صدد بيان مراده بقرينة منفصلة أو علمنا من عادة المتكلم بيان مطلبه بذكر القرائن المنفصلة كما هو كذلك على ما عرفنا من دأب الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين فان بيانهم