ولكنه واجب لملاك آخر وهو المصلحة في إبراز العموم وهذا نظير الأحكام الظاهرية بالنسبة إلى الأحكام الواقعية فان مورد أصل البراءة يمكن ان يكون الحكم في الواقع هو الحرمة ولكن مصلحة التسهيل على العباد اقتضت الحكم بالحلية كما حرر في محله في جواب شبهة ابن قبة في الأحكام الظاهرية.
واما ما قيل من ان الحكم اما ان يكون واقعا على الافراد غير الخاصّ واما ان يكون على الخاصّ أيضا فعلى الأول ينتهى أمد الحكم عند وجدان الخاصّ وعلى الثاني فلا يمكن رفعه لأن النسخ في الشرع يكون مثل البداء في التكوين فكما ان البداء بالنسبة إلى العالم بجميع شئون التكوين محال كذلك النسخ بالنسبة إلى الأحكام بالنسبة إلى العالم بعواقب الأمور محال.
نعم من كان جاهلا بالمصالح كعموم الناس فيمكن ان يضع الحكم ثم يرفعه بواسطة علمه بالمصالح بعد جهله بها فلا وجه له لأن الحكم يمكن ان يكون على الفرد الخاصّ في أمد الزمان لمصلحة في إبراز العموم لا من باب وجود المصلحة في نفس الخاصّ كالمصلحة التي اقتضت الحكم على ساير الافراد فليس تأخير البيان عن وقت الحاجة بهذا المعنى قبيحا لعدم الحاجة إلى البيان بل الحاجة في إبراز العموم فليس في تأخير البيان عن وقت إبراز العموم نقض غرض للمولى ولا تفويت مصلحة للعبد.
واما المقدمة الثانية فهي أيضا ممنوعة من جهة ان الحق عندنا هو ان فعلية الحكم ليست بفعلية موضوعه بل الأحكام كلها فعلية بصرف إبراز الإرادة فالواجب المطلق والمشروط والمعلق فعلى غاية الأمر في غير المطلق يكون فعلية الحكم على فرض وجود شرط وفرضه حاصل حين الإبراز فان قال المولى ان رزقت ولدا فاختنه يكون الحكم بختان الولد فعليا ولا حالة منتظرة له.
غاية الأمر ظرف امتثاله يكون ظرف رزق الولد كما حرر في الأصول في بحث تقسيمات الواجب فعلى هذا نسخ الحكم بعد إبراز الإرادة صادق ولو لم يأت وقت العمل وفي العرف أيضا يصدق النسخ فإذا نذر شخص ان يعطى دراهم إلى هاشمي