أصحاب الإمام الصادق والكاظم عليهماالسلام أنّه كوفي تحوّل إلى بغداد من الكوفة ... وكان ينزل الكرخ من مدينة السلام (١) وقد ذكر في أحوال محمّد بن أبي عمير : بغدادي الأصل والمقام (٢).
فلسنا هنا بصدد الحديث عن تاريخ مدينة بغداد أو منطقة الكرخ أو دور الشيعة في إيجاد هكذا بيئة علمية لكننا سنشير إجمالا إلى الثقافة الرفيعة الّتي كان يتمتّع بها شيعة بغداد :
لقد نشأ الجيل العلمي الأوّل لعلماء الشيعة في مدينة الكوفة. ويرجح الاحتمال القائل بأن مدينة قم هي أوّل مدينة كانت قد تأثّرت بالتشيّع المنبثق من مدينة الكوفة. وأنّ لمدينة الكوفة اليد الطولى على جميع ما نتج من ازدهار ونموّ للعلماء والمجاميع العلميّة في مدينة قم وكانت مدينتي «الري» ومن ثمّ بغداد المدينتين اللتين تأثّرتا بالمدّ الشيعي الاثني عشري بعد مدينة قم. فمن بين العلماء الّذين ورد اسمهم وعنوانهم في أمّهات الكتب الرجالية القديمة كعلماء بارزين يلاحظ أنّ الكوفة كانت تتقدّم على غيرها من المدن من حيث عدد العلماء ، فقد ورد في مثل هذه المصادر عبارات من قبيل «أصله الكوفة وسكن بغداد» و «كوفي نشأ ببغداد» و «كوفي الأصل» و «سكن بغداد» والكثير من أمثال هذه العبارات. وعلى هذا فبغداد تدين إلى الكوفة بما تزخر به من محيط علمي أوّلا ثمّ تأتي بعدها قم و «الري» فالصدوق وابن قولويه من قم ، والكليني من الري وهشام ابن الحكم وجابر بن حيّان على احتمال من الكوفة كانوا قد توجّهوا صوب بغداد.
إنّ نفوذ التشيّع بشكل عام في الحكم العبّاسي وبأنحاء مختلفة كما نلحظه بالنسبة لآل نوبخت هو مثال بارز لهذا التوجّه فقد وصل رجال هذه العائلة إلى مناصب مختلفة في الدولة وكانوا يمثلون عاملا آخر في نموّ الثقافة الشيعية ؛ كما
__________________
(١) فهرست الشيخ الطوسي : ٢٥٩ وانظر أيضا النجاشي : ٤٣٣ ـ ٤٣٤.
(٢) رجال النجاشي : ٣٢٦.