في حقّ الأنبياء عليهمالسلام ، «وفيه خطر عظيم ينبغي تنزيه الرسل عنه (١). ولذا رفضه الشريف المرتضى وضعفه الزمخشري ، إذ قال : «قيل الضمير لنداء نوح : أي نداؤك هذا عمل غير صالح ، وليس بذاك» (٢).
ولا يكتفي المرتضى بالاحتجاج بالقراءات بل إنّه ـ وفي أغلب الأحيان ـ يتوسّع في القراءة ويذكر اختلاف القراء وحجّة كلّ قراءة ، وعني خاصّة بتوجيه القراءات المشهورة (السبع) وبيان حججها وعللها وذكر طرفها ، ففي قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (٣) ، يشير السيّد المرتضى إلى اختلاف القرّاء السبعة في رفع الراء ونصبها في قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ)، فقال : قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص : (لَيْسَ الْبِرَّ) بنصب الراء ، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يقرأ بالنصب والرفع ، وقرأ الباقون بالرفع ، والوجهان جميعا حسنان ؛ لأن كلّ واحد من الاسمين : اسم ليس وخبرها معرفة ، فإذا اجتمعا في التعريف تكافآ في جواز كون أحدهما اسما والآخر خبرا (٤). ثمّ ذكر المرتضى حجّة كلّ فريق فقال : «وحجّة من رفع «البرّ» أنه : لأن يكون «البرّ» الفاعل أولى ، لأنه «ليس» يشبه الفعل ، وكون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده ... وحجّة من نصب «البرّ» أن يقول : كون الاسم أن وصلتها أولى لشبهها بالمضمر ... فكأنّه اجتمع مضمر ومظهر ، والأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر» (٥).
ولم يرجح المرتضى ـ هنا ـ احدى القراءتين ، وهذا هو شأنه حين يجد لكلّ قراءة ما يقويها من الناحية اللغوية والدلالية. وكان مكّي القيسي (ت ٤٣٧
__________________
(١) اتحاف فضلاء البشر : ٢٥٧.
(٢) الكشّاف ، ٢ : ٢٧٣.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٧٧.
(٤) أمالي المرتضى ٢ ـ ٢٠٦ : ٢٠٧ ، وينظر كتاب السبعة في القراءات : ١٧٥ ، والكشف عن وجوه القراءات ، ١ ـ ٢٨٠ : ٢٨١ ، والروضة في القراءات الاحدى عشر : ٤٥٢ ، والنشر في القراءات العشر ، ٢ : ٢٢٦ ، واتحاف فضلاء البشر : ١٥٣.
(٥) أمالي المرتضى ، ١ : ٢٠٧.