وقال النابغة الذبياني :
ولا تتركني بالوعيد كأنني إلى |
|
الناس مطلّي به القار أجرب |
أراد مع الناس أو عندهم. وقال ذو الرمّة :
بها كلّ خوار إلى كلّ صولة |
|
ورفعي المدا عار الترائب |
أراد مع كلّ صولة ، وقال امرؤ القيس :
له كفل كالدعص لبده الندى |
|
إلى خارك مثل الرياح المنصب |
أراد مع خارك.
فإن قيل : فهذا يدلّ على احتمال لفظة «إلى» بمعنى الغاية وغيرها ، فمن أين أنّها في الآية لغير معنى الغاية.
قلنا : يكفي في إسقاط استدلالكم بالآية المحتملة لما قلناه ولما قلتموه ، فهي دليلنا ودليلكم.
وبعد فلو كانت لفظة (إِلَى) في الآية محمولة على الغاية ، لوجب أن يكون من لم يبتدأ بالأصابع ونيّته إلى المرافق عاصيا مخالفا للأمر ، وأجمع المسلمون على خلاف ذلك.
وإذا حملنا لفظة «إلى» على معنى «مع» صار تقدير الكلام : فاغسلوا أيديكم مع المرافق ، وهذا هو الصحيح الذي لا يدفعه إجماع ولا حجّة ، كما قلنا فيمن حمل ذلك على الغاية (١).
[السادس : وفيه موضعان :
الأوّل : أن سأل سائل فقال :] ليس يمتنع القول من دخول الباء وإن لم يقتض التبعيض في أصل اللغة ، وإنّما إذا دخلت لغير أن يعدّى الفعل بها وعريت من فائدة من لم يحمل على إفادة التبعيض أن تحمل عليه.
فيقال في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) معلوم أنّ الباء ما دخلت ها هنا
__________________
(١) الرسائل ، ١ : ٢١٣ ، راجع أيضا الانتصار : ١٦. والناصريات : ١١٨.