وليسوا بذلك أولى ممن يقول : إنه إمام في الوقت الذي ثبت أنه إمام فيه (١) ، هذا لو سلّمنا أن المراد بالولي ما ذكروه ، فكيف وذلك غير ثابت ؛ لأنّه تعالى بدأ بذكر نفسه ولا يصحّ إن يوصف تعالى بأنّه ولينا بمعنى إمضاء الحدود والأحكام على الحدّ الذي يوصف به الإمام ، بل لا يقال ذلك في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا بدّ من أن يكون محمولا على تولّي النصرة في باب الدّين ، وذلك ممّا لا يختص بالإمامة ، ولذلك قال من بعد (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٢) فبيّن ما يحصل لمن يتولى الله من الغلبة والظفر ، ذلك لا يليق إلّا بتولّي النصرة ، ولذلك ذكر في الآية الأولى الولي (٣) وفي الآية الثانية التولي ، وفصل بين الإضافتين ليبيّن أن المراد تولّي النصرة في باب الدين ؛ لأن ذلك هو الذي يقع فيه الاشتراك ، ...» (٤).
يقال له : أمّا الذي يدلّ على اختصاصه بموجب الآية في الوقت الذي ثبت له عليهالسلام الإمامة فيه عندنا ، فهو أن كل من أوجب بهذه الآية الإمامة على سبيل الاختصاص أوجبها بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل ، وليس يعتمد على ما حكاه من أنّ الظاهر إثبات الحكم في كلّ وقت ، ومن قال بذلك من أصحابنا فإنه ينصر هذه الطريقة بأن يقول : الظاهر لا يقتضي الحال فقط ، بل يقتضي جميع الأوقات التي الحال من جملتها ، فإذا خرج بعضها بدليل بقي ما عداه ثابتا بالظاهر أيضا ، ولم يسغ الزوال عنه ، ويقول : إنني أخرجت الحال بدليل إجماع الأمة على أنه لم يكن مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمام غيره. ولا دليل يقتضي إخراج الحال التي تلي الوفاة بلا فصل ، والمعتمد هو الأول.
فأمّا الجواب لمن قال : لستم بذلك أولى ممن يقول : إنه إمام في الوقت الذي تثبت عنده إمامته فيه ، يعني بعد وفاة عثمان ، فهو أيضا ما قدمناه ؛ لأنّه لا أحد من الأمة يثبت الإمامة بهذه الآية لأمير المؤمنين عليهالسلام بعد عثمان دون ما قبلها من الأحوال ، بل لا أحد يثبتها له عليهالسلام بعد عثمان دون ما تقدّم من
__________________
(١) في المغني «في الوقت الذي اقيم فيه».
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٥٦.
(٣) الولي ساقطة من «المغني».
(٤) المغني ، ٢٠ : ١٣٦.