شيخنا أبو علي (١) أنه قيل ـ : إنها نزلت في جماعة من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) في حال كانوا فيها في الصلاة وفي الركوع فقال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) في الحال ، ولم يعن أنهم يؤتون الزكاة في حال الركوع ، بل أراد أن ذلك طريقتهم ، وهم في الحال راكعون ، وحمل الآية على هذا الوجه أشبه بالظاهر ؛ ويبين ذلك أن الغالب من حال أمير المؤمنين عليهالسلام أن الذي دفعه إلى السائل ليس بزكاة لوجوه ، منها : أن الزكاة لم تكن واجبة عليه على ما نعرف من غالب أمره في أيام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأن دفع الخاتم بعيد أن يعدّ في الزكاة ، ولأن دفع الزكاة منه عليهالسلام لا يقع إلّا على وجه القصد عند وجوبه وما فعله فالغالب منه أنه جرى على وجه الإنفاق (٣) لما رأى السائل المحتاج ، وأن غيره لم يواسه فواساه وهو في الصلاة ، فذلك بالتطوّع أشبه ، ولم نقل ذلك إلّا نصرة للقول الذي حكيناه ، لا أنه يمتنع في الحقيقة أن يكون ذلك زكاة لماله ، ...» (٤).
يقال له : ليس يجوز حمل الآية على ما تأولها شيخك أبو علي من جعله إيتاء الزكاة منفصلا من حال الركوع ، ولا بدّ على مقتضى اللسان واللغة من أن يكون الركوع حالا لإيتاء الزكاة ، والذي يدلّ على ذلك أن المفهوم من قول أحدنا : «الكريم المستحق للمدح الذي يجود بماله وهو ضاحك» و «فلان يغشي إخوانه وهو راكب» معنى الحال دون غيرها حتى أن قوله هذا يجري مجرى قوله : «إنه يجود بما له في حال ضحكه» و «يغشي إخوانه في حال ركوبه» ، ويدلّ أيضا عليه أنا متى حملنا قوله تعالى : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) على خلاف الحال ، وجعلنا المراد بها أنهم يؤتون الزكاة ومن وصفهم أنهم راكعون ، من غير تعلّق لأحد الأمرين بالآخر كنا حاملين الكلام على معنى التكرار ؛ لأنّه قد أفاد تعالى بوصفه لهم بأنهم يقيمون الصلاة وصفهم بأنّهم راكعون ؛ لأن الصلاة
__________________
(١) هو أبو علي الجبائي.
(٢) في المغني «من فضلاء أصحاب النبيّ صلّى الله عليه».
(٣) في نسخة : على وجه الانعام.
(٤) المغني ، ٢٠ : ١٣٧.