مشتملة على الركوع وغيره ، وإذا تأولناها على الوجه الذي اخترناه استفدنا بها معنى زائدا ، وزيادة الفائدة بكلام الحكيم أولى.
فإن قال : إنّما قبح أن يحمل قولهم فيمن يريدون مدحه : «فلان يجود بماله وهو ضاحك» على خلاف الحال من قبل أن وقوع الجود منه مع طلاقة الوجه يدل على طيب نفسه بالعطيّة ، وهو أن المال لا يعظم في عينه ، فصار ذلك وجها تعظم معه العطيّة ويكثر المدح المستحق عليها ، وليس الحال في الآية هذه ؛ لأنّه لا مزية لإعطاء الزكاة في حال الركوع على إتيانها في غيرها ، وليس وقوعها في تلك الحال يقتضي زيادة مدح أو ثواب ففارق حكمها حكم المال الذي أوردتموه.
قيل له : لو كانت العلة في وجوب حمل الكلام الذي حكيناه على الحال ، وقبح حمله على خلافها ما ذكرته لوجب أن يحسن حمل قولهم : «فلان يغشي إخوانه وهو راكب» و «لقيت زيدا وهو جالس» ، على خلاف الحال لمفارقته للمثال الأوّل في العلّة حتى يفهم من قولهم : «إنّه يغشي إخوانه ، ومن صفته أنه راكب» و «لقيت زيدا ومن صفته أنه جالس» من غير أن يكون حالا للغشيان والجلوس حالا للقاء ، وإذا كان المفهوم خلاف هذا فقد بطل أن تكون العلّة ما ذكرته ، ووجب أن يكون الظاهر في كلّ الخطاب الوارد على هذه الصفة معنى الحال فأمّا قوله : «إن الزكاة لم تكن واجبة على أمير المؤمنين عليهالسلام على ما يعرف من غالب أمره في تلك الحال» فظاهر البطلان ؛ لأنّه غير واجب أولا حمل اللفظ على الزكاة الواجبة دون النافلة ، ولفظ الزكاة ـ لو كان إطلاقه مفيدا في الشرع للعطية الواجبة ـ فغير ممتنع أن نحمله على النفل الذي يشهد بمعناه أصل اللغة ؛ لأنّ الزكاة في اللغة النماء والطهارة ، والواجب من الزكاة والنفل جميعا يدخلان تحت هذا الأصل ، ويكون الموجب للانتقال عن ظاهر اللفظ ـ لو كان له ظاهر ـ علمنا بالخبر [الذي] توجه الآية [به] إلى من يستبعد وجوب الزكاة عليه.
وبعد ، فإن الاستبعاد لوجوب الزكاة عليه لا معنى له ؛ لأنّه غير ممتنع وجوبها عليه في وقت من الأوقات بحصول أدنى مقادير النصاب الذي تجب في