مثله الزكاة ، وليس هذا من اليسار المستبعد فيه ؛ لأن ملك مائتي درهم لا يسمّى مؤسرا.
فأمّا دفع الخاتم فما نعلم من أيّ وجه استبعد أن يكون زكاة ؛ لأن حكم الخاتم حكم غيره ، وكل ما له قيمة وينتفع الفقراء بمثله جائز أن يخرج في الزكاة.
فأمّا القصد إلى العطيّة ، فمما لا بدّ منه ، وإنّما الكلام في توجهه إلى الواجب أو النفل وليس في ظاهر فعله صلوات الله عليه ما يمنع من القصد إلى الواجب ؛ لأنّه عليهالسلام وإن لم يعلم بأن السائل يستحضر فيسأله ، لا يمتنع أن يكون أعدّ الخاتم للزكاة فلما حضر من يسأل اتفاقا تصدق به عليه ، أو يكون عليهالسلام يعدّه لذلك ، فلما حضر السائل ولم يواسه أحد دفعه إليه ونوى الاحتساب به في الزكاة ، وقد يفعل الناس هذا كثيرا فأيّ وجه لاستبعاده والقول بأنه بالتطوع أشبه؟.
فأما اعتذاره في آخر الكلام من إيراده وتضعيفه له فقد كان يجب أن لا يورد ما يحوج إلى الاعتذار والتنصّل (١) ؛ فإن ترك إيراد ما يجري هذا المجرى أجمل من إيراده مع الاعتذار.
قال صاحب الكتاب : «وقد قال شيخنا أبو هاشم : يجب أن يكون المراد بذلك : الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة الواجبتين ، دون النقل الذي وجوده كعدمه في أنه يكون المؤمن مؤمنا معه ، فلا بدّ من حمله على ما لولاه لم يكن مؤمنا ، ولم يجب توليه ؛ لأنّه جعله من صفات المؤمنين ، فيجب أن يحمل على ما لولاه لم يكن مؤمنا [ولا كان كذلك (٢)]. قال :
«والذي فعله أمير المؤمنين عليهالسلام كان من النفل ؛ لأنّه عليهالسلام وغيره من جلّة الصحابة (٣) لم يكن عليهم زكاة ، وإنما الذي وجب عليه زكاة عدد يسير ، وذلك يمنع من أن لا يراد بالآية سواه».
__________________
(١) التنصّل : التبرأ ، يقال : تنصّل من ذنبه أي تبرأ.
(٢) التكملة من المغني.
(٣) في المغني «عامّة الصحابة ممّن».