لإمامة الكلّ ، وإذا لم يكن هذا الخبر موجبا للإمامة فكذلك الآخر ، وقد رووا أيضا عنه عليهالسلام أنه قال : «اهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن أم عبد» (١) ولم يكن في شيء من ذلك نصّ بإمامة ولا فرض طاعة ، فكيف يظنّ هذا في خبر الاقتداء ، وحكم الجميع واحد في مقتضى ظاهر اللفظ؟
وبعد ، فلو تجاوزنا عن هذا كلّه ، وسلّمنا رواية الأخبار وصحّتها ، لم يكن في شيء منها تصريح بنصّ ولا تلويح إليه.
أمّا خبر الخلّة وما يدعونه من قوله عليهالسلام : «اتركوا لي أخي وصاحبي» فلا شبهة على عاقل في بعدهما عن الدلالة على النصّ.
فأمّا خبر الاقتداء فهو كالمجمل ؛ لأنّه لم يبيّن في أيّ شيء يقتدى بهما ، ولا على أيّ وجه ولفظة «بعدي» مجملة ليس فيها دلالة على أن المراد بعد وفاتي دون بعد حال أخرى من أحوالي ، ولهذا قال بعض أصحابنا : إن سبب هذا الخبر أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان سالكا بعض الطريق وكان أبو بكر وعمر متأخّرين عنه جائيين على عقبه فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض من سأله عن الطريق الذي يسلكه في اتباعه واللّحوق به : «اقتدوا باللذين من بعدي» وعنى بسلوك الطريق دون غيره ، وهذا القول وإن كان غير مقطوع به فلفظ الخبر محتمله كاحتماله لغيره ، وأين الدلالة على النصّ والتسوية بينه وبين أخبارنا ، ونحن حيث ذهبنا في خبر الغدير وغيره إلى النصّ لم نقتصر على محض الدّعوى ، بل كشفنا عن وجه الدلالة ، واستقصينا ما يورد من الشبه ، وقد كان يجب على من عارضنا بهذه الأخبار وادّعاء إيجابها للنصّ أن يفعل مثل ما فعلناه أو قريبا منه ، وليس لأحد أن يتطرق إلى إبطال ما ذكرناه من التأويلات بأن يدّعي أن الناس في هذه الأخبار بين منكر
__________________
(١) هذا الحديث كما في فيض القدير ج ٥٦ / ٢ من حديث عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة بن اليمان ، وعبد الملك لم يسمعه من ربعي وربعي لم يسمعه من حذيفة ، اه وعبد الملك بن عمير هذا كان قاضيا بالكوفة أيّام عبيد الله بن زياد وهو الذي مرّ على عبد الله بن يقطر رسول الحسين عليهالسلام وقد رماه ابن زياد من أعلى قصر الإمارة فرآه يجود بنفسه وقد تهشّمت عظامه فذبحه بيده فلما ليم على ذلك قال : أردت أن أريحه!!