ومتقبّل ، فالمنكر لا تأويل له ، والمتقبّل يحملها على النصّ ويدفع سائر التأويلات ؛ لأن هذا القول يدلّ على غفلة شديدة من قائله أو مغالطة ، وكيف يكون ادّعاؤه صحيحا ونحن نعلم أن كلّ من أثبت إمامة أبي بكر من طريق الاختيار ـ وهم أضعاف من أثبتها من طريق النصّ ـ ينقلون هذه الأخبار من غير أن يعتقدوا فيها دلالة على نصّ عليه؟
قال صاحب الكتاب : «وقد قال شيخنا أبو الهذيل (١) في هذا الخبر : أنه لو صحّ لكان المراد به الموالاة في الدّين وذكر أن بعض أهل العلم حمله على أن قوما نقموا على عليّ عليهالسلام بعض أموره فظهرت مقالاتهم له ، وقولهم فيه ، فأخبر عليهالسلام بما يدلّ على منزلته وولايته وفعاله وأفعالهم عما خاف فيه الفتنة ، وقد قال بعضهم في سبب ذلك : إنه وقع بين أمير المؤمنين عليهالسلام وبين أسامة بن زيد كلام ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : أتقول هذا لمولاك ، فقال : لست مولاي ، وإنّما مولاي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، [قال] فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» يريد بذلك قطع ما كان من أسامة وتبيان (٢) أنه بمنزلته في كونه مولى له ، وقال بعضهم مثل ذلك في زيد بن حارثة ، وأنكروا (٣) أن خبر الغدير بعد موته ، والمعتمد في معنى الخبر على ما قدّمناه ؛ لأن كلّ ذلك لو صحّ وكان الخبر خارجا ، فلم يمنع من التعلّق بظاهره وما يقتضيه لفظه ، فيجب أن يكون الكلام في ذلك دون بيان السبب الذي وجوده كعدمه ، في أنّ وجود الاستدلال بالخبر يتغيّر ، ...» (٤).
يقال له : أمّا الذي يبطل ما حكيته عن أبي الهذيل فهو جميع ما تقدّم من كلامنا.
__________________
(١) أبو الهذيل : محمد بن الهذيل العبدي بالولاء المعروف بالعلّاف كان شيخ البصريين في الاعتزال ومن أكبر علمائهم توفّي في سامراء سنة ٢٦ أو ٢٧ أو ٢٣٥ بعد أن أشرف على المائة وقد كف بصره وخرف في آخر عمره.
(٢) في المغني «وبيان».
(٣) في المغني «وذكروا».
(٤) المغني ، ٢٠ : ١٥٤.