فأما التعلّق بذكر السبب وما ادعى من ملاحاة زيد بن حارثة أو أسامة ابنه ، فالذي يفيده ما قدّمناه أيضا من اقتضاء الكلام لمعنى الإمامة ، وأن صرفه عن معناها يخرجه عن حدّ الحكمة ، وقد ذكر أصحابنا في ذلك وجوها :
منها : ان زيد بن حارثة قتل بمؤتة وخبر الغدير كان بعد منصرف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حجّة الوداع وبين الوقتين زمان طويل ، فكيف يمكن أن يكون سببه ما ادّعوه؟ وهذا الوجه أيضا يختص بذكر زيد بن حارثة وما تقدّم وتأخّر من الوجوه يعم التعلّق بزيد وأسامة ابنه.
ومنها : أن أسباب الأخبار يجب الرجوع فيها إلى النقل ، كالرجوع في نفس الأخبار ، ولا يحسن أن يقتصر فيها على الدّعاوي والظنون ، وليس يمكن أحدا من الخصوم أن يسند ما يدّعيه من السبب إلى رواية معروفة ، ونقل مشهور ، والمحنة بيننا وبينهم في ذلك ، ولو أمكنهم على أصعب الأمور أن يذكروا رواية في السبب لم يمكن الإشارة فيه إلى ما يوجب العلم وتتلقاه الأمة بالقبول على الحدّ الذي ذكرناه في خبر الغدير ، وليس لنا أن نحمل تأويل الخبر الذي هو صفة على سبب أحسن أحواله أن يكون ناقله واحدا لا يوجب خبره علما ولا يثلج صدرا.
ومنها : أن الذي يدعونه في السبب لو كان حقّا ، لما حسن من أمير المؤمنين عليهالسلام أن يحتجّ به في الشورى على القوم في جملة فضائله ومناقبه ، وما خصّه الله تعالى به ؛ لأن الأمر لو كان على ما ذكروه لم يكن في الخبر شاهد على فضل ، ولا دلالة على تقدّم ، ولوجب أن يقول له القوم في جواب احتجاجه : وأي فضيلة لك بهذا الخبر علينا ، وإنّما كان سببه كيت وكيت ممّا تعلمه ونعلمه وفي احتجاجه عليهالسلام به وأضرابهم عن ردّ الاحتجاج دلالة على بطلان ما يدّعونه من السّبب.
ومنها : أن الأمر لو كان على ما ادّعوه في السبب لم يكن لقول عمر بن الخطّاب في تلك الحال على ما تظاهرت به الروايات الصحيحة «أصبحت