يقال ذلك فيه ، وقد استعمل أهل اللغة في الرئيس المقدّم لفظة «الربّ» ولم يستعملوا لفظة «المولى» إلّا إذا أرادوا به النصرة ، فإن قال : قد ثبت انهم يقولون في السيد : إنه مولى العبد لما ملك طاعته ، ولزمه الانقياد له ، وذلك قائم في الإمام فوجب أن يوصف بذلك ، قيل له : لم يوصف المولى بذلك لما ذكرته ، وإنما يوصف ؛ لأنّه يملك بيعه وشراءه ، والتصرف فيه بحسب التصرّف في الملك ، وذلك لا يصحّ في الإمام ، ...» (١).
يقال له : قد بيّنا أنّ لفظة «مولى» تفيد في اللغة من كان أولى بالتدبير ، وأحقّ بالشيء الذي قيل : «إنّه مولاه» واستشهدنا من الاستعمال بما لا يمكن دفعه ، غير أن ما يستعمل هذه اللفظة فيه على ضربين :
أحدهما : لا يصحّ مع التخصّص بتدبيره والتحقّق بالتصرّف فيه وصفه بالطاعة ، كسائر ما يملك سوى العبيد ؛ فإنه قد يوصف المالك للأموال وما جرى مجراها من المملوكات بأنه مولى لها على الحدّ الذي وصف الله تعالى به الورثة المستحقّين للميراث ، والمختصّين بالتصرّف فيه ، في قوله : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) (٢) وإن كان دخول لفظ الطاعة ووجوبها في ذلك ممتنعا.
والضرب الآخر : يصحّ مع التحقّق به والتملّك له وصفه بالطاعة ووجوبها ، كالوصف للسيّد بأنّه مولى العبد ، ووليّ المرأة في الخبر الذي أوردناه متقدّما بأنه مولاها ورجوع كلا الوجهين إلى معنى واحد وهو التحقّق بالشيء والتخصص بتدبيره ، ولا معتبر بامتناع دخول لفظ الطاعة في أحدهما دون الآخر إذا كانت الفائدة واحدة.
فأمّا إلزامه إجراء لفظة «مولى» على الوالد والمستأجر للأجير من حيث وجبت طاعتهما فغير ممتنع أن يقال في الوالد : أنه مولى ولده بمعنى أنه أولى بتدبيره ، كما أنه قد يستعمل فيه ما يقوم مقام مولى من الألفاظ ، فيقال : إنه أحقّ
__________________
(١) المغني ، ٢٠ : ١٥٥.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٣٣.