على العبد من الذي ليس لمملوك ولا مستحقّ بهذه المزية ، وهذا يبيّن أن الذي أباه صاحب الكتاب لا بدّ له من الاعتراف به.
ثم يقال له : إذا كان وصف مولى العبد إنما اجري من حيث ملك بيعه وشراه لا من حيث وجبت طاعته عليه فيلزمك أن تجري هذا الوصف في كلّ موضع حصل فيه هذا المعنى ، فتقول في المالك للثوب والدار والبهيمة والضيعة : إنه مولى لجميع ذلك ، وتطلق القول من غير تقييده ، فإن فعلت واطلقت ما سمّينا لك إطلاقه ذهابا إلى أن أصل اللفظة في الوضع ومعناها يقتضيانه ، ولم تحفل بقلّة الاستعمال جاز لنا أن نطلق أيضا في الوالد أنه مولى ولده ، وكذلك في الأجير ونذهب إلى معنى اللفظة وما يقتضيه وضعها ، ولا نجعل قلة الاستعمال مؤثرا ، فليس ما سمتنا إطلاقه بأقلّ في الاستعمال مما ألزمناك أن تطلقه ، وإن أبيت الإطلاق فليس لك بدّ من أن تصير إلى ما ذكرناه ، وإلّا كنت مناقضا ويسقط على كلّ حال إلزامك الذي ظننت انك تتوصّل به إلى إبطال قولنا في إجراء لفظة «مولى» على من وجبت طاعته ، على أن استدلالنا بخبر الغدير على إيجاب الإمامة لا يفتقر إلى أن لفظة «مولى» تجري على الإمام ، ومالك الطاعة بغير واسطة ؛ لأنا قد بيّنا احتمالها للأولى ، وهذا ممّا لا يمكن صاحب الكتاب ولا أحدا دفعه ؛ فإنه ظاهر في اللغة ، وقد ذكرنا فيما تقدّم من كلامنا في الشواهد عليه ما في بعضه كفاية ، وإذا احتملت «أولى» من غير إضافة ، وقد علمنا أن «الأولى» في اللغة هو الأحقّ بلا خلاف ، وقد يجوز أن يستعمل لفظة أحقّ وأولى مضافتين إلى الطاعة ، كما يجوز استعمالها في غير الطاعة من ضروب الأشياء ، وإذا جاز ذلك وثبت أن مقدّمة خبر الغدير تضمّنت التقرير بوجوب الطاعة وكان معنى «أولى بكم» أولى بتدبيركم ، ووجوب الطاعة عليكم بغير خلاف أيضا ، وكنا قد دلّلنا فيما تقدّم على أن ما أوجبه في الكلام الثاني (١) يجب أن يكون مطابقا لمقتضى المقدّمة الأولى حتى كأنه قال عليهالسلام : من
__________________
(١) الكلام الثاني في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، والمقدّمة الأولى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أولست أولى بكم منكم بأنفسكم».