ما يدلّ على بقائه بعده ، وقد تظاهرت الرواية بذلك فمن جملته قوله : «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين» إلى غير هذا مما لو ذكرناه لطال.
فأمّا قوله : «إنّه يجب أن لا يستفاد به فضيلة في الحال» فقد تقدّم كلامنا عليه ، وبيّنا ترتيب القول فيه على طريقة الاستثناء التي يتعلّق فيها بلفظة بعدي ، فأمّا الطريقة الأولى فلا شبهة في أنها تقتضي حصول جميع المنازل الموجبة للفضيلة في الحال.
فأمّا قوله : «إن تأوّلنا يقتضي أن لا يولّي أحدا على أمير المؤمنين عليهالسلام في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم» وادعاؤه إنّه ولّى عليه أبا بكر في الحجّة التي حجّها المسلمون قبل حجّة الوداع ، فأول ما فيه إنه لا يلزم إذا صحّت دعواه من ذهب منا في تأويل الخبر إلى إيجابه في حال الحياة الخلافة على المدينة من غير استمرار واستحقاق الخلافة من بعد الوفاة ، وإنما يلزم أن يجيب عنه من ذهب إلى أن الخلافة في الحياة استمرّت إلى بعد الوفاة ، ولمن ذهب إلى ذلك أن يقول : إنني لا أعلم صحّة ما ادّعى من ولاية أبي بكر عليه في الوقت المذكور ؛ لأنه كما روي من بعض الطرق أن أبا بكر بعد أخذ السورة منه كان واليا على الموسم ، فقد روي أنه رجع لما أخذ أمير المؤمنين عليهالسلام السورة منه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان الوالي على الحجيج والموسم والمؤدّي للسورة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وليس هذا ممّا ينفرد الشيعة بنقله ؛ لأن كثيرا من أصحاب الحديث قد رووه ، ومن تأمّل كتبهم وجده فيها ، وإذا تقابلت الروايتان وجب الشكّ في موجبهما ، بل يجب القطع على بطلان ما ينافي منهما مقتضى الخبر المعلوم الذي لا شكّ فيه ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» ؛ لأنّه إذا دلّ الدليل على اقتضاء هذا الخبر الخلافة في الغيبة على سبيل الاستمرار وجب القطع على بطلان الرواية المنافية لما يقتضيه ، على انه لم يرو أحد أن أبا بكر كان واليا على أمير المؤمنين عليهالسلام ، وإنما روي أنه كان أميرا على الحجيج ، وقد يجوز أن تكون ولايته على من عدا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلو صحّت الرواية التي يرجعون إليها لما صحّ قول صاحب الكتاب «إنّه ولى أبا بكر على أمير المؤمنين عليهالسلام».