يقوم بالأمر لمكان الاستخلاف ، ولو لا الاستخلاف لكان له أن يقوم بالأمر لمكان النبوّة ، فقد أفاد الاستخلاف ضربا من الفائدة ، فإن أضاف إلى ذلك أن يدخل في الاستخلاف ما لا يكون له أن يقوم به لمكان النبوّة فهو أقوى في باب الفائدة ، ولسنا نعلم كيف كان حال موسى وهارون فيما يتعلّق بالإمامة ، وكيف كانت الشريعة في ذلك الوقت ، ولا نعلم أيضا أن حالهما في النبوّة إذا كانت متفقة ، أن حالهما فيما يقوم به الأئمة أيضا متفقة ، بل لا يمتنع أن يكون لأحدهما من الاختصاص ما ليس للآخر ، كما لا يمتنع أن لا يدخل في شريعتهما ما تقتضيه الإمامة ، وإذا كانت الحال في هذا الباب مما يختلف بالشرائع فإنّما نقطع على وجه دون وجه بدلالة سمعيّة ، ثم يصحّ الاعتماد على ذلك ، والذي يجب أن يقطع به لا محالة أنه كان نبيّا مع موسى فلا بدّ من أن يتحمل شريعة مجدّدة ، أو يتحمّلا شريعة بعد ظهور المعجز عليهما مجددة ، ولا يجب من حيث أشركا في النبوة أن تكون شريعة أحدهما شريعة للآخر ، وإذا جاز ذلك فما الذي يمنع أن يدخل في جملة شرائعهما ما يتّصل بالحدود والأحكام أن يختصّ بذلك أحدهما دون الآخر ، وكما يجوز ذلك فقد يجوز أن يكون من تعبّد الله تعالى في ذلك الوقت أن لا يجوز للرسول أن يستخلف فيما هذا حاله في حال حياته ولا بعد وفاته ، أو يجوز له أن يستخلف في حال دون حال ، أو من يشركه في النبوّة دون من لا يشركه ، فعلى هذا الوجه يجب أن يجري القول في هذا الباب ، ولا يجعل لعليّ عليهالسلام من المنازل إلّا ما ثبت معلوما لهارون من موسى دون ما لم يثبت ، وإذا لم يعلم كيف كانت شريعة موسى في الاستخلاف ، وهل كان يجب أن يستخلف [في حال حياته أو] (١) بعد موته أو في حال غيبته في كلّ شيء ، أو في بعض الأشياء ، وأنه لو مات قبل هارون هل كان يجب أن يكون خليفته ، أو يبعث الله تعالى نبيّا يقوم مقامه مع هارون ، أو يصير القيّم بأمر الحدود غير هارون ممن ينصّ عليه ، إلى غير ذلك
__________________
(١) ما بين المعقوفتين من «المغني».