على كلّ حال انفراد من الفقهاء لأنهم لا يوجبون ذلك ولا يستحبونه وإن كانت القيمة محسوبة عليه. وإنّما قوينا ما بيّنا وإن لم يصرّح به أصحابنا ؛ لأن الله تعالى يقول : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وهذا الظاهر يقتضي مشاركة الأنثى للذكر في جميع ما يخلفه الميت من سيف ومصحف وغيرهما.
وكذلك ظاهر آيات ميراث الأبوين والزوجين يقتضي أن لهم السهام المذكورة في جميع تركة الميت ، فإذا اختصصنا الذكر الأكبر بشيء من ذلك من غير احتساب بقيمته عليه تركنا هذه الظواهر. وأصحابنا لم يجمعوا على أن الذكر الأكبر يفضل بهذه الأشياء من غير احتساب بالقيمة ، وإنّما عوّلوا على أخبار (١) رووها تتضمن تخصيص الأكبر بما ذكرناه من غير تصريح باحتساب عليه أو بقيمته ، وإذا خصصناه بذلك اتباعا لهذه الأخبار واحتسبنا بالقيمة عليه فقد سلمت ظواهر الكتاب مع العمل بما أجمعت عليه الطائفة من التخصيص له بهذه الأشياء فذلك أولى ، ووجه تخصيصه بذلك مع الاحتساب بقيمته عليه أنه القائم مقام أبيه والسّاد مسدّه فهو أحقّ بهذه الأمور من النسوان والأصاغر للرتبة والجاه (٢).
[الثالث :] وممّا انفردت به الإمامية : عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الأزمان القريبة وإن كان لها موافق متقدّم الزمان القول : بأن المسلم يرث الكافر وإن لم يرث الكافر المسلم ، وقد روى الفقهاء في كتبهم موافقة الإمامية على هذا المذهب عن سيدنا زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام ومحمد بن الحنفية رضي الله عنه وعن مسروق وعبد الله بن معقل المزني وسعيد بن المسيب ويحيى بن نعمى ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان (٣) ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ، وذهبوا إلى أن كلّ واحد من المسلم والكافر لا يرث صاحبه (٤) ، دليلنا بعد إجماع الطائفة المتردّد جميع ظواهر آيات المواريث ؛ لأن قوله تعالى :
__________________
(١) الوسائل ، ١٧ : ٤٣٩.
(٢) الانتصار : ٢٩٩.
(٣) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ١٦٦ والمحلى ، ٩ : ٣٠٤.
(٤) البحر الزخّار ، ٦ : ٣٦٧.