وخالف باقي الفقهاء في ذلك وقالوا : إنّ المسلم لا يرث الكافر ، والكافر لا يرث المسلم (١).
دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه : الإجماع المتردّد ، وظاهر آيات المواريث في الكتاب ؛ لأنه تعالى قال : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ولم يخص مؤمنا من كافر.
وباقي الآيات علّقت المواريث فيها بالأنساب أو الزوجية ، وعمّت المؤمن والكافر.
وأيضا ما رواه أبو الأسود الدؤلي : أنّ رجلا حدّثه أنّ معاذا قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «الإسلام يزيد ولا ينقص» (٢) فورّث معاذ المسلم ، وورثه معاوية بن أبي سفيان وقال : كما لا يحل لنا النكاح منهم ولا يحلّ لهم منا ، فكذلك نرثهم ولا يرثونا.
فإن تعلّق المخالف بما روي عنه عليهالسلام من قوله : «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» (٣).
وبخبر آخر : «لا يتوارث أهل ملّتين» (٤).
فالجواب عن ذلك : أن الخبر الأول إذا صحّ فظاهر القرآن يدفعه ، وأخبار الآحاد لا يخصّ بها القرآن ، ولو ساغ العمل بها في الشريعة.
ثمّ يجوز أن يكون المراد به : أنّ مظهر الإسلام الذي لا يبطنه لا يرث الكافر ، وقد سمّى الله تعالى مظهر الشيء باسم مبطنه ، قال الله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (٥) لا خلاف بين المسلمين في أن المراد بذلك مظهر الإيمان.
فإن قيل : هذا يقتضي أن لا يورّث مظهر الإسلام الكافر.
قلنا : الخبر إنّما يدلّ على حظر أن يرث مظهر الإسلام ـ من غير إبطانه له ـ
__________________
(١) المجموع ، ١٦ : ٥٨.
(٢) سنن البيهقي ، ٦ : ٢٠٥.
(٣) صحيح البخاري ، ٨ : ٥٦٣ / ١٦١٢.
(٤) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٩١٢ / ٢٧٣١.
(٥) سورة النساء ، الآية : ٩٢.