الكافر ، فأمّا الحكم بتوريثه فقد يجوز أن يحكم بأن أظهر الإسلام ـ ممّن يجوز أن يكون مبطنا له ، وإن كنّا نجوّز أن يكون باطنه خلاف ظاهره ـ بتوريثه للكافر على الظاهر ، وإن كان لا يحلّ لمن يعلم من نفسه إبطان خلاف الإسلام أن يرث الكافر.
فأمّا الخبر الثاني : فالأمر فيه واضح ، لأنّ التوارث تفاعل ، وإذا لم يكن من الجهتين لم يطلق عليه اسم التفاعل ، ونحن نقول إنّ المسلم يرث الكافر ولا يرثه الكافر ، فلا توارث بين المللتين (١).
[الخامس :] وممّا يظنّ انفراد الإمامية به ولها فيه موافق : قولها بأن القاتل خطأ يرث المقتول لكنّه لا يرث من الدية ، فوافق الإمامية على هذا المذهب عثمان البتي ، وذهب إلى أن قاتل الخطأ يرث ، ولا يرث قاتل العمد (٢) ... ويدلّ أيضا عليه ظواهر آيات المواريث كلّها مثل قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) فإذا عورضنا بقاتل العمد فهو مخرج بدليل قاطع لم يثبت مثله في قاتل الخطأ ، ويمكن أن يقوّي ذلك أيضا بأن قاتل الخطأ معذور غير مذموم ولا مستحق للعقاب ، فلا يجب أن يحرم من الميراث الذي يحرمه العامد على سبيل العقوبة.
فإن احتج المخالف بقوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) (٣) فلو كان القاتل وارثا لما وجب عليه تسليم الدية.
فالجواب عن ذلك : أن وجوب تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدلّ على أنه لا يرث ما هو دون الدية من تركته ؛ لأنه لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية ، وأكثر ما في ذلك ألّا يرث من الدية التي يجب عليه تسليمها شيئا وإلى هذا نذهب (٤).
[السادس وفيه أمران :]
__________________
(١) الناصريات : ٤٢١.
(٢) أحكام القرآن (للقرطبي) ، ٥ : ٦٦.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٩٢.
(٤) الانتصار : ٣٠٧.