يجعلها بإزاء العدوّ تدافعه ، وفرقة خلفه ، ثمّ يكبّر ويصلي بمن ورائه ركعة واحدة ، فإذا نهض إلى الثانية صلّوا لأنفسهم ركعة أخرى ، وهو قائم يطول القراءة ، ثمّ جلسوا فتشهدوا وسلّموا ثمّ انصرفوا فقاموا مقام أصحابهم ، فجاءت الفرقة الأخرى فلحقوا الإمام قائما في الثانية ، فاستفتحوا الصلاة وأنصتوا القراءة فإذا ركع ركعوا بركوعه وسجدوا بسجوده ، فإذا جلس للتشهد قاموا فصلوا ركعة أخرى وهو جالس ، ثمّ جلسوا معه فسلّم بهم وانصرفوا بتسليمه ...
الدليل على صحّة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد قوله تعالى : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ).
ظاهر القرآن يقتضي أن الطائفة الثانية تصلّي مع الإمام جميع صلاتها ، وعند مخالفينا من أصحاب أبي حنيفة أنها تصلّي معه النصف ، فقد خالف الظاهر لأنه تعالى قال : (فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) فيجب أن يكون المراد بذلك سجود الطائفة الأولى في الركعة الثانية ، يدلّ عليه إضافة السجود إليهم ، والصلاة التي يشترك فيها الإمام والمأموم تضاف إلى الإمام وإلى الإمام والمأموم ، ولاتضاف إلى المأموم وحده ؛ لأنه تابع.
وممّا يقوّي أنّ الترتيب الذي ذكرناه في هذه الصلاة أقوى ممّا ذهب إليه غيرنا : أنّ فيه تسوية بين الطائفتين من وجهين :
أحدهما : أنّ الإمام يحرم بالطائفة الأولى ويسلّم بالطائفة الثانية ، فيحصل للأولى فضيلة الاحرام وللثانية فضيلة التحليل ؛ وعلى قولهم يحرم بالأولى ولا يسلّم بالثانية.
والوجه الثاني : أنّ الطائفة الأولى لمّا صلّت مع الإمام حرستها الطائفة الأخرى وهي غير مصلّية ، لتساويها في حالة الحراسة في غير صلاة ؛ وعلى قولهم تحرسها في الصلاة.
وأيضا ؛ فإنّ الصلاة التي يذهب المخالف إليها تشتمل على أمور تبطل