سورة التوبة مدنية
عدد آياتها مائة وتسع وعشرون آية
١ ـ ٢ ـ (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ) أي هذه براءة من الله (وَرَسُولِهِ) أي انقطاع للعصمة ورفع للأمان وخروج من العهود (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الخطاب للنبي (ص) وللمسلمين والمعنى تبرؤوا ممن كان بينكم وبينهم عهد من المشركين فإن الله ورسوله بريئان منهم ، ثم خاطب الله سبحانه المشركين فقال : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) أي سيروا في الأرض على وجه المهل ، وتصرّفوا في حوائجكم آمنين من السيف (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فإذا انقضت هذه المدة ولم تسلموا انقطعت العصمة عن دمائكم وأموالكم (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) أي غير فائتين عن الله كما يفوت ما يعجز عنه لأنكم حيث كنتم في سلطان الله وملكه (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) أي مذّلهم ومهينهم.
واختلف في هذه الأشهر الأربعة ، فقيل : كان ابتداؤها يوم النحر إلى العشر من ربيع الآخر ، عن مجاهد ومحمد بن كعب القرظي ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وقيل : إنما ابتداء أجلهم الأشهر الأربعة من أوّل شوال إلى آخر المحرم ، لأن هذه الآية نزلت في شوال. عن ابن عباس والزهري. قال الفراء : كانت المدة إلى آخر المحرم وروى الشعبي عن محرز بن أبي هريرة عن ابي هريرة قال : كنت أنادي مع علي حين اذن المشركين ، فكان إذا صحل صوته فيما ينادي دعوت مكانه ، قال : فقلت : يا أبت أي شيء كنتم تقولون؟ قال : كنا نقول : لا يحج بعد عامنا هذا مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل البيت إلّا مؤمن ، ومن كانت بينه وبين رسول الله (ص) مدّة فإن أجله إلى أربعة أشهر ، فإذا انقضت الأربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله. وروى عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : خطب علي عليهالسلام الناس واخترط سيفه فقال : لا يطوفنّ بالبيت عريان ، ولا يحجنّ بالبيت مشرك ، ومن كانت له مدّة فهو إلى مدّته ، ومن لم يكن له فمدته أربعة أشهر ، وكان خطب يوم النحر.
القصة
أجمع المفسرون ونقلة الأخبار أنه لما نزلت براءة دفعها رسول الله (ص) إلى أبي بكر ثم أخذها منه ودفعها إلى علي ابن أبي طالب (ع) روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك أن رسول (ص) بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه فردّه وقال : لا يذهب بهذا إلّا رجل من أهل بيتي فبعث عليا (ع).
٣ ـ ٤ ـ ثم بيّن سبحانه أنه يجب إعلام المشركين ببراءة منهم لئلا ينسبوا المسلمين إلى الغدر فقال : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ) معناه : واعلام وفيه معنى الأمر أي أذنوا الناس ، المراد بالناس المؤمن والمشرك لأن الكل داخلون في هذا الإعلام (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) إنه يوم عرفة (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي من عهد المشركين (وَرَسُولِهِ) معناه : ورسوله أيضا بريء منه (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) معناه : فإن تبتم في هذه المدة أيها المشركون ورجعتم عن الشرك إلى توحيد الله فهو خير لكم من الإقامة على الشرك لأنكم تنجون به من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ)