أُمَّهاتُهُمْ) ، عن الحسن وقيل : ان العرب من ولد اسماعيل ، وأكثر العجم من ولد إسحاق وهما ابنا إبراهيم ، فالغالب عليهم انهم أولاده (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) أي الله سمّاكم المسلمين عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : هو كناية عن إبراهيم عن ابن زيد قال ، ويدل عليه قوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (مِنْ قَبْلُ) أي من قبل انزال القرآن (وَفِي هذا) أي وفي هذا القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي ليكون محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم شهيدا عليكم بالطاعة والقبول ، فإذا شهد لكم به صرتم عدولا تشهدون على الأمم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم رسالة ربهم وانهم لم يقبلوا ، فيوجب لكافرهم النار ، ولمؤمنهم الجنة بشهادتكم ، وهذا من أشرف المراتب ، وهو مثل قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) الآية وقيل معناه : ليكون الرسول شهيدا عليكم في ابلاغ رسالة ربه إليكم ، وتكونوا شهداء على الناس بعده بأن تبلغوا إليهم ما بلغه الرسول إليكم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) قال قتادة فريضتان واجبتان افترضهما الله عليكم فأدّوهما إلى الله وروى عبد الله بن عمر عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تقبل الصلاة إلا بالزكاة (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ) أي تمسكوا بدين الله عن الحسن وقيل معناه : امتنعوا بطاعته عن معصيته وقيل : امتنعوا بالله من أعدائكم ، أي اجعلوه عصمة لكم مما تحذرون وقيل : ثقوا بالله وتوكلوا عليه ، عن مقاتل (هُوَ مَوْلاكُمْ) أي وليكم وناصركم ، والمتولي لأموركم ومالككم (فَنِعْمَ الْمَوْلى) هو لمن تولاه (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) هو لمن استنصره.
سورة المؤمنون
مكية
وعدد آياتها مائة وثماني عشرة آية
١ ـ ١١ ـ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أي فاز بثواب الله الذين صدّقوا بالله وبوحدانيته وبرسله. ثم وصف هؤلاء المؤمنين بأوصاف فقال : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) أي خاضعون متواضعون متذللون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا. وروي أن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال : اما انه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ؛ وفي هذا دلالة على ان الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح ، فأما بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها ، والإعراض عمّا سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود ، وأما بالجوارح فهو غضّ البصر والإقبال عليها ، وترك الإلتفات والعبث. قال ابن عباس : خشع فلا يعرف من على يمينه ولا من على يساره (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) اللغو في الحقيقة هو كل قول أو فعل لا فائدة فيه يعتدّ بها فذلك قبيح محظور يجب الإعراض عنه ، وفي رواية انه الغناء والملاهي (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) أي مؤدّون ، قال ابن عباس للصدقة الواجبة مؤدّون (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) الفرج اسم لجميع سوءات الرجال والنساء ، والمراد بالفروج هاهنا فروج الرجال بدلالة قوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) المعنى : أنهم يلامون في اطلاق ما حظر عليهم وأمروا بحفظه إلا على أزواجهم (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) وملك اليمين في الآية المراد به الإماء (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) أي طلب سوى الأزواج والولائد المملوكة (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) أي الظالمون المتجاوزون إلى ما لا يحل لهم (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) أي حافظون وافون (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) أي يقيمونها في أوقاتها ولا يضيعونها ،