سورة القصص
مكية وعدد آياتها ثمان وثمانون آية
١ ـ ٦ ـ (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) أي المبيّن الرشد من الغيّ عن قتادة وقيل هو البيّن الظاهر والآية مفسّرة فيما مضى (نَتْلُوا عَلَيْكَ) يا محمد (مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ) أي طرفا من أخبارهما (بِالْحَقِ) أي بالصدق والحقيقة لا ريب فيه (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي يصدّقون بالله وبما أنزله إليك (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) أي بغى وتجبّر وتعظّم ، واستكبر في أرض مصر يقال علا علوا إذا تجبّر ومنه قوله لا يريدون علوا في الأرض (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) أي فرقا قال قتادة فرّق بين بني إسرائيل والقبط والمعنى : يكرم قوما ويذل آخرين بالإستعباد والإستعمال في الأعمال الشاقة وقيل معناه : جعل بني إسرائيل أصنافا في الخدمة والتسخير (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ) يعني من بني إسرائيل ؛ ثم فسّر ذلك فقال : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) يقتل الأبناء ، ويستبقي البنات فلا يقتلن ، وذلك أن بعض الكهنة قال له : ان مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك وقال السدي رأى فرعون في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فسأل علماء قومه فقالوا له يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) بالقتل والعمل بالمعاصي (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) المعنى : ان فرعون كان يريد إهلاك بني إسرائيل وإفناءهم ، ونحن نريد أن نمنّ عليهم (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) أي قادة ورؤساء في الخير يقتدى بهم عن ابن عباس وقيل نجعلهم ولاة وملوكا عن قتادة وهذا القول مثل الأول لأن الذين جعلهم الله ملوكا فهم أئمة ولا يضاف إلى الله سبحانه ملك من يملك الناس عدوانا وظلما وقد قال سبحانه (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) والملك من الله تعالى هو الذي يجب أن يطاع فالأئمة على هذا ملوك مقدّمون في الدين والدنيا يطأ الناس أعقابهم (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) لديار فرعون وقومه وأموالهم. وقد صحّت الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ، وتلا عقيب ذلك : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآية. وروى العياشي بالإسناد عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر عليهالسلام إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال : هذا والله من الذين قال الله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآية. وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهالسلام : والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ان الأبرار منّا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته وان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي ونريد أن نمكّن لبني إسرائيل في أرض مصر والتمكين هو فعل جميع ما لا يصحّ الفعل إلا معه مع القدرة والآلة واللطف وغير ذلك وقال علي بن عيسى اللطف لا يدخل في التمكين لأنه لو دخل فيه لكان من لا لطف له لم يكن ممكنا ولكنّه من باب إزاحة العلة (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ) أي من بني إسرائيل (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) من ذهاب الملك على يد رجل منهم. قال الضحاك : عاش فرعون أربعمائة سنة وكان قصيرا دميما ، وهو أول من خضب بالسواد وعاش موسى عليهالسلام مائة وعشرين سنة.
٧ ـ ١٠ ـ ثم بيّن سبحانه كيف دبّر في إهلاك فرعون وقومه منبّها بذلك على كمال قدرته وحكمته فقال : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) أي ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس بوحي نبوة عن