كفار مكة (عَذاباً دُونَ ذلِكَ) أي دون عذاب الآخرة ، يعني القتل يوم بدر عن ابن عباس وقيل : يريد عذاب القبر عن ابن عباس أيضا والبراء بن عازب وقيل : هو الجوع في الدنيا والقحط سبع سنين عن مجاهد وقيل : هو مصائب الدنيا عن ابن زيد وقيل : هو عام جميع ذلك (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما هو نازل بهم (وَاصْبِرْ) يا محمد (لِحُكْمِ رَبِّكَ) الذي حكم به وألزمك التسليم له إلى أن يقع عليهم العذاب الذي حكمنا عليهم وقيل : واصبر على أذاهم حتى يرد أمر الله عليك بتخليصك (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) أي بمرأى منا ندركك ولا يخفى علينا شيء من أمرك ونحفظك لئلا يصلوا إلى شيء من مكروهك (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) من نومك عن أبي الأحوص وقيل : حين تقوم إلى الصلاة المفروضة فقل : سبحانك اللهم وبحمدك عن الضحاك (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) يعني صلاة الليل وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في هذه الآية قالا ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران التي آخرها (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ثم يفتتح صلاة الليل الخبر بتمامه وقيل معناه : صل المغرب والعشاء الآخرة عن مقاتل (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) يعني الركعتين قبل صلاة الفجر عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وذلك حين تدبر النجوم أي تغيب بضوء الصبح.
سورة النجم
مكية وآيها اثنتان وستون آية
١ ـ ١٠ ـ (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) يعني به المرجوم من النجوم ، وهو ما يرمى به الشياطين عند استراق السمع (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) يعني النبي ، أي ما عدل عن الحق وما فارق الهدى إلى الضلال ، وما غوى فيما يؤديه إليكم ، ومعنى غوى ضل ، وإنما أعاده تأكيدا (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) أي وليس ينطق بالهوى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) أي ما القرآن وما ينطق به من الأحكام إلّا وحي من الله يوحي إليه ، أي يأتيه به جبرائيل وهو قوله (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) يعني جبرائيل (ع) ، أي القوي في نفسه وخلقته (ذُو مِرَّةٍ) أي ذو قوة وشدة في خلقه ، ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود فرفعها إلى السماء ثم قلبها ، ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا (فَاسْتَوى) جبرائيل على صورته التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَهُوَ) كناية عن جبرائيل (ع) أيضا (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) يعني أفق المشرق ، والمراد بالأعلى : جانب المشرق ، قالوا : إن جبرائيل كان يأتي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في صورة الآدميين ، فسأله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها ، فأراه نفسه مرتين مرة في الأرض ، ومرة في السماء ، أما في الأرض ففي الأفق الأعلى وذلك ان محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بحراء فطلع له جبرائيل (ع) من المشرق فسدّ الأفق إلى المغرب فخرّ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مغشيا عليه ، فنزل جبرائيل (ع) في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه وهو قوله (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) وتقديره : ثم تدلى أي قرب بعد بعده وعلوه في الأفق الأعلى فدنا من محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال الزجاج : معنى دنا وتدلى واحد ، لأن معنى دنا : قرب ، وتدلى : زاد في القرب كما تقول : قد دنا مني فلان وقرب (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) أي كان ما بين جبرائيل ورسول الله قاب قوسين والقوس : ما يرمى به (أَوْ أَدْنى) قال الزجاج : ان العباد قد