ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه (وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) يدخلونها (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) أي قد كان المتوفى من أصحاب اليمين (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) قيل معناه : فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين من عذاب الله ، وسلمت عليك ملائكة الله (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ) بالبعث والرسل وآيات الله (الضَّالِّينَ) عن الهدى ، الذاهبين عن الصواب والحق (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) أي فنزلهم الذي أعد لهم من الطعام والشراب من حميم جهنم (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) أي إدخال نار عظيمة كما قال (وَيَصْلى سَعِيراً) في قراءة من شدد (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) أضاف الحق إلى اليقين وهما واحد للتأكيد ، أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلاء الأصناف الثلاثة هو الحق الذي لا شك فيه ، واليقين الذي لا شبهة معه (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي نزّه الله سبحانه عن السوء والشرك ، وعظمه بحسن الثناء عليه وقيل معناه : قولوا سبحان ربّي العظيم والعظيم في صفة الله تعالى معناه : ان كل شيء سواه يقصر عنه فإنه القادر العالم الغني الذي لا يساويه شيء ، ولا يخفى عليه شيء ، جلت آلاؤه وتقدست أسماؤه.
سورة الحديد
مدنية وآياتها تسع وعشرون آية
١ ـ ٦ ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ) أي نزهه وأثنى عليه بما هو أهله ، وبرأه من كل سوء (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال مقاتل : يعني كل شيء من ذي الروح وغيره ، وكل خلق فيهما ولكن لا تفقهون تسبيحهم ، وتحقيقه : ان العقلاء يسبحونه قولا واعتقادا ولفظا ومعنى ، وما ليس بعاقل من سائر الحيوانات والجمادات فتسبيحه ما فيه من الأدلة الدالة على وحدانيته ، وعلى الصفات التي باين بها جميع خلقه ، وما فيه من الحجج على أنه لا يشبه خلقه وأن خلقه لا يشبهه ، فعبر سبحانه عن ذلك بالتسبيح (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي القادر الذي لا يمتنع عليه شيء ، المحكم لأفعاله العليم بوجوه الصواب في التدبير (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي له التصرف في جميع ما في السموات والأرض من الموجودات بما يشاء من التصرف ، وليس لأحد منعه منه ، وذلك هو الملك الأعظم (يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي يحيي الأموات للبعث ، ويميت الأحياء في الدنيا (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقدر على المعدومات بإيجادها وإنشائها ، وعلى الموجودات بتغييرها وإفنائها وعلى أفعال العباد ومقدوراتهم بالإقدار عليها ، وسلبهم القدرة عليها (هُوَ الْأَوَّلُ) أي أول الموجودات وتحقيقه : أنه سابق لجميع الموجودات بما لا يتناهى من تقدير الأوقات لأنه قديم وما عداه محدث ، والقديم يسبق المحدث بما لا يتناهى من تقدير الأوقات (وَالْآخِرُ) بعد فناء كل شيء ، لأنه يفني الأجسام كلها وما فيها من الأعراض ويبقى وحده (وَالظَّاهِرُ) وهو الغالب العالي على كل شيء ، فكل شيء دونه (وَالْباطِنُ) العالم بكل شيء فلا أحد أعلم منه عن ابن عباس وقيل : الظاهر بالأدلة والشواهد ، والباطن الخبير العالم بكل شيء وقيل : معنى الظاهر والباطن : أنه العالم بما ظهر ، والعالم بما بطن وقيل : الظاهر بأدلته ، والباطن من إحساس خلقه وقيل : الأول بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء ، والظاهر بلا اقتراب ، والباطن بلا احتجاب وقيل : الأول ببره إذ هداك ، والآخر بعفوه إذ قبل توبتك ، والظاهر بإحسانه وتوفيقه إذا أطعته ، والباطن بستره إذا عصيته وقيل : إن الواوات مقحمة والمعنى : هو الأول الآخر الظاهر الباطن ، لأن كل من كان منا أولا لا يكون آخرا ، ومن كان منّا ظاهرا لا يكون باطنا ، عن عبد العزيز بن يحيى ، وقيل : هو الأول القديم ، والآخر الرحيم ، والظاهر الحكيم ، والباطن العليم ، عن يمان ، وقال البلخي : هو كقول القائل :