وكذّبوا أنبياءنا (هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) أي يأخذون كتبهم بشمالهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال وقيل : إنهم أصحاب الشؤم على أنفسهم (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) أي مطبقة عن ابن عباس ومجاهد وقيل : يعني ان ابوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لهم باب ، ولا يخرج عنها غم ، ولا يدخل فيها روح إلى آخر الأبد عن مقاتل.
سورة الشمس
مكية وآياتها خمس عشرة آية
١ ـ ١٥ ـ (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قد تقدّم ان لله سبحانه أن يقسم بما يشاء من خلقه تنبيها على عظيم قدره ، وكثرة الانتفاع به ، ولما كان قوام العالم من الحيوان والنبات بطلوع الشمس وغروبها أقسم الله سبحانه بها وبضحاها وهو امتداد ضوئها وانبساطه ، عن مجاهد والكلبي ، وقيل : هو النهار كله عن قتادة ، وقيل : حرّها ، عن مقاتل (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) أي إذا اتبعها فأخذ من ضوئها وسار خلفها ، قالوا : وذلك في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس تلاها القمر في الإضاءة وخلفها في النور ، وقيل : تلاها ليلة الهلال ، وهي أول ليلة من الشهر ، إذا سقطت الشمس رؤي القمر عند غيبوبتها ، عن الحسن ، وقيل : في الخامس عشر يطلع القمر مع غروب الشمس الشهر كله ، فهو في النصف الأول يتلوها وتكون أمامه ، وهو وراؤها وفي النصف الأخير يتلو غروبها بالطلوع (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) أي جلّى الظلمة وكشفها (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) أي يغشى الشمس حتى تغيب فتظلم الآفاق ويلبسها سواده (وَالسَّماءِ وَما بَناها) وقيل معناه : والسماء وبنائها مع أحكامها واتساقها وانتظامها (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) أي وطحوها وتسطيحها وبسطها ليمكن الخلق التصرف عليها (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) سواها : عدل خلقها وسوّى أعضاءها (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) أي عرّفها طريق الفجور والتقوى ، وزهدها في الفجور ، ورغبها في التقوى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) على هذا وقع القسم ، أي قد أفلح من زكى نفسه ، عن الحسن وقتادة أي طهّرها وأصلحها بطاعة الله وصالح الأعمال (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) بالعمل الطالح ، أي أخملها واخفى محلها وقيل : أضلها وأهلكها عن ابن عباس وقيل : أفجرها عن قتادة وقيل معناه قد أفلحت نفس زكّاها الله وخابت نفس دسّاها الله ، أي جعلها قليلة خسيسة ، وجاءت الرواية عن سعيد بن أبي هلال قال : كان رسول الله إذا قرأ هذه الآية : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) وقف ثم قال : اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وزكها وأنت خير من زكاها ؛ وروى زرارة وحمران ومحمد ابن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) قال : بيّن لها ما تأتي وما تترك ، وفي قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) قال : قد أفلح من أطاع ، (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) قال : قد خاب من عصى وقال ثعلب : (قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) قال : قد خاب من عصى وقال ثعلب : قد أفلح من زكّى نفسه بالصدقة والخير ، وخاب من دسّ نفسه في أهل الخير وليس منهم. ثم أخبر سبحانه عن ثمود وقوم صالح فقال (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) أي بطغيانها ومعصيتها عن مجاهد وابن زيد ، يعني ان الطغيان حملهم على التكذيب ، فالطغوى اسم من الطغيان كما ان الدعوى من الدعاء وقيل ان الطغوى اسم العذاب الذي نزل بهم فالمعنى : كذبت ثمود بعذابها عن ابن عباس ، وهذا كما قال : فاهلكوا بالطاغية والمراد : كذبت بعذابها الطاغية فأتاها ما كذبت به (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) أي كان تكذيبها حين انبعث اشقى ثمود للعقر ، ومعنى انبعث : انتدب وقام ؛ والأشقى : عاقر الناقة وهو أشقى الأولين على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واسمه قدار بن سالف.