وقد صحّت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : من أشقى الأولين؟ قال : عاقر الناقة قال : صدقت ، فمن اشقى الآخرين؟ قال : لا أعلم يا رسول الله قال : الذي يضربك على هذه ، وأشار إلى يافوخه وعن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام في غزوة العسرة نائمين في صور من النخل ودقعاء من التراب فو الله ما أهبّنا إلا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فقال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قلنا بلى يا رسول الله قال أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك بالسيف يا عليّ على هذه ووضع يده على قرنه حتى تبل منها هذه وأخذ بلحيته وقيل ان عاقر الناقة كان أشقر أزرق قصير ملتزق الحلق (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) صالح (ناقَةَ اللهِ) التقدير : احذروا ناقة الله فلا تعقروها كما يقال : الأسد الأسد ، أي احذروه (وَسُقْياها) أي وشربها من الماء أي فلا تزاحموها فيه كما قال سبحانه : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (فَكَذَّبُوهُ) أي فكذب قوم صالح صالحا ولم يلتفتوا إلى قوله وتحذيره إياهم بالعذاب بعقرها فعقروها ، أي فقتلوا الناقة (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) أي فدمّر عليهم ربهم (بِذَنْبِهِمْ) لأنهم رضوا جميعا به وحثّوا عليه ، وكانوا قد اقترحوا تلك الآية فاستحقوا بما ارتكبوه من العصيان والطغيان عذاب الإستئصال (فَسَوَّاها) أي فسوى الدمدمة عليهم وعمّهم بها فاستوت على صغيرهم وكبيرهم ولم يفلت منها احد منهم (وَلا يَخافُ عُقْباها) أي لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم والمعنى : لا يخاف ان يتعقب عليه في شيء من فعله فلا يخاف عقبى ما فعل بهم من الدمدمة عليهم لأن أحدا لا يقدر على معارضته ، وهذا كقوله : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ). وقيل معناه : لا يخاف الذي يحقرها عقباها ، عن الضحّاك والسدّي والكلبي ، أي لا يخاف عقبى ما صنع بها ، لأنّه كان مكذّبا بصالح ، وقيل معناه : ولا يخاف صالح عاقبة ما خوّفهم به من العقوبات ، لأنّه كان على ثقة من نجاته.
سورة الليل
مكية وآياتها إحدى وعشرون آية
١ ـ ٢١ ـ (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أقسم الله سبحانه بالليل إذا يغشى بظلمته النهار وقيل : إذا يغشى بظلمته الأفق وجميع ما بين السماء والأرض والمعنى : إذا أظلم وأدلهم وأغشى الأنام بالظلام لما في ذلك من الهول المحرك للنفس بالاستعظام (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) أي بان وظهر من بين الظلمة ، وفيه أعظم النعم إذ لو كان الدهر كله ظلاما لما أمكن الخلق طلب معايشهم ، ولو كان ذلك كله ضياء لما انتفعوا بسكونهم وراحتهم ، فلذلك كرّر سبحانه ذكر الليل والنهار في السورتين لعظم قدرهما في باب الدلالة على مواقع حكمته (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) أي والذي خلق آدم وحواء (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) هذا جواب القسم والمعنى : ان اعمالكم لمختلفة ، فعمل للجنة وعمل للنار (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) مما أتاه الله واتقى (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى كثير من ذلك ، وفي رواية أخرى إلى مائة ألف فما زاد (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) لا يريد شيئا من الخير إلا يسره الله له (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) بما أتاه الله أي ضنّ بماله الذي لا يبقى له ، وبخل بحق الله فيه (وَاسْتَغْنى) أي التمس الغنى بذلك المنع لنفسه (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) أي بالجنة والثواب والوعد وبالخلف (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) أي نخلي بينه وبين الأعمال الموجبة للعذاب والعقوبة (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) أي