سورة الايلاف
مكية وآياتها أربع آيات
١ ـ ٥ ـ (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منّا على قريش مضافة إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف ، فكأنّه قال : نعمة إلى نعمة فتكون اللام مؤدية معنى إلى وهو قول الفراء (إِيلافِهِمْ) ترجمة عن الأول وبدل منهم (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) منصوبة بوقوع إيلافهم عليها وتحقيقه : ان قريشا كانت بالحرم آمنة من الأعداء أن تهجم عليهم فيه ، وأن يعرض لهم أحد بالسوء إذا خرجت منه لتجارتها ، والحرم واد جديب إنما كانت تعيش قريش فيه بالتجارة ، وكانت لهم رحلتان في كل سنة رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها بلاد حامية ، ورحلة في الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة ، ولولا هاتان الرحلتان لم يمكنهم به مقام ، ولولا الأمن لم يقدروا على التصرف (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) هذا أمر من الله سبحانه ، أي فليوجّهوا عبادتهم إلى ربّ هذه الكعبة ويوحّدوه وهو الله سبحانه قسم لهم الأرزاق في رحلة الشتاء والصيف ، وأعطاهم من الأموال (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) فلا يتعرض لهم أحد في سفرهم إذا قالوا : نحن أهل حرم الله ، وقيل : آمنهم من خوف الغارة بالحرم الذي جبلت قلوب الناس على تعظيمه.
سورة الماعون
مكية آياتها سبع آيات
١ ـ ٧ ـ خاطب الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال (أَرَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أي هذا الكافر الذي يكذب بالجزاء والحساب ، وينكر البعث مع وضوح الأمر في ذلك ، وقيام الحجج على صحته ، وقيل : نزلت في أبي سفيان بن حرب ، كان ينحر في كل أسبوع جزورين فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصاه عن ابن جريج (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) بيّن سبحانه أن من صفة هذا الذي يكذب بالدين أنه يدفع اليتيم عنفا به لأنه لا يؤمن بالجزاء عليه فليس له رادع عنه وقيل : (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) ، أي يدفعه عن حقه بجفوة وعنف ويقهره (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أي لا يطعمه ولا يأمر بإطعامه ، يعني لا يفعله إذا قدر ، ولا يحض عليه إذا عجز لأنه يكذب بالجزاء (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) يريد المنافقين الذين لا يرجون لها ثوابا إن صلوا ، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا ، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها ، فإذا كانوا مع المؤمنين صلّوها رياء ، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلّوا وهو قوله : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) ، عن علي عليهالسلام وقيل : ساهون عنها لا يبالون صلّوا أم لم يصلّوا وقيل : هم الذين يتركون الصلاة عن الضحاك وقيل : الذين إن صلّوها صلّوها رياء وإن فاتتهم لم يندموا عن الحسن وقيل : هم الذين لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها عن أبي العالية ، وعنه أيضا قال : هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا وهكذا ملتفتا. وروى العياشي بالإسناد عن يونس بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قوله (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) أهي وسوسة الشيطان؟ فقال : لا كل أحد يصيبه هذا ولكن أن يغفلها ويدع أن يصلي في أول وقتها. وعن أبي أسامة زيد الشحام قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) قال : هو الترك لها ، والتواني عنها وعن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليهالسلام قال هو التضييع لها وقيل هم الذين (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) الناس في جميع أعمالهم ، لم يقصدوا