السلام : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ذكر فيه وجوه (أحدها) ان معناه : لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (وثانيها) ان المعنى : لكم كفركم بالله ولي دين التوحيد والإخلاص ؛ وهذا وإن كان ظاهره إباحة فإنه وعيد وتهديد ومبالغة في النهي والزجر (وثالثها) ان الدين الجزاء ، ومعناه : لكم جزاؤكم ولي جزائي.
سورة النصر
مدنية وآياتها ثلاث آيات
١ ـ ٣ ـ (إِذا جاءَ) يا محمد (نَصْرُ اللهِ) على من عاداك وهم قريش (وَالْفَتْحُ) فتح مكة ، وهذه بشارة من الله سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنصر والفتح قبل وقوع الأمر (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) أي جماعة بعد جماعة ، وزمرة بعد زمرة ؛ والمراد بالدين الإسلام ، والتزام أحكامه ، واعتقاد صحته ، وتوطين النفس على العمل به قال الحسن : لما فتح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة قالت العرب : أما إذا ظفر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بأهل الحرم وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان أي طاقة ، فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا أي جماعات كثيرة بعد أن كانوا يدخلون فيه واحدا واحدا ، أو اثنين اثنين ، فصارت القبيلة تدخل بأسرها في الإسلام ، وقيل : (فِي دِينِ اللهِ) : أي في طاعة الله وطاعتك ، وأصل الدين الجزاء ثم يعبّر به عن الطاعة التي يستحق بها الجزاء كما قال سبحانه : (فِي دِينِ الْمَلِكِ) ، أي في طاعته (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) هذا أمر من الله سبحانه بأن ينزّه عما لا يليق به من صفات النقص وأن يستغفره ؛ ووجه وجوب ذلك بالنصر والفتح ان النعمة تقتضي القيام بحقها وهو شكر المنعم وتعظيمه ، والائتمار بأوامره ، والانتهاء عن معاصيه ، فكأنه قال : قد حدث أمر يقتضي الشكر والاستغفار وإن لم يكن ثمّ ذنب ، فإن الاستغفار قد يكون عند ذكر المعصية بما ينافي الإصرار ، وقد يكون على وجه التسبيح والانقطاع إلى الله عزوجل (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) يقبل توبة من بقى كما قبل توبة من مضى. وهذه السورة تسمى سورة التوديع ، قال ابن عباس : لما نزلت إذا جاء نصر الله قال : نعيت إليّ نفسي بأنها مقبوضة في هذه السنة واختلفت في أنهم من أيّ وجه علموا ذلك وليس في ظاهره نعي ، فقيل : لان التقدير : فسبّح بحمد ربك فإنك حينئذ لاحق بالله ، وذائق الموت كما ذاق من قبلك من الرسل ، وعند الكمال يرقب الزوال كما قيل. وقيل : لأنه سبحانه أمره بتجديد التوحيد ، واستدراك الفائت بالاستغفار ، وذلك مما يلزم عند الانتقال من هذه الدار إلى دار الأبرار ، وعن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت السورة كان النبي صلىاللهعليهوآله يقول كثيرا : سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي انك أنت التواب الرحيم ، وعن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله بالآخرة لا يقوم ولا يعقد ، ولا يجيء ولا يذهب إلّا قال : سبحان الله وبحمده استغفر الله وأتوب إليه ، فسألناه عن ذلك فقال صلىاللهعليهوآله : إني أمرت بها. ثم قرأ (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ.)
سورة المسد
مكية وآياتها خمس آيات
١ ـ ٥ ـ (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) أي خسرت يداه وخسر هو وإنما قال : خسرت يداه لأن أكثر العمل يكون باليد ، والمراد : خسر عمله ، وخسرت نفسه بالوقوع في النار. وأبو لهب هو ابن عبد المطلب عمّ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان شديد المعاداة والمناصبة له. قال طارق المحاربي : بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا بشاب يقول : أيها