الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ، وإذا برجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه عرقوبيه ويقول : يا أيها الناس انه كذاب فلا تصدّقوه ، فقلت من هذا؟ فقالوا : هو محمد يزعم أنه نبيّ ، وهذا عمّه أبو لهب يزعم أنه كذّاب (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) أي ما نفعه ولا دفع عنه عذاب الله ماله وما كسبه ، وقيل معناه : أيّ شيء أغنى عنه ماله وما كسب ، يعني ولده ، لأن ولد الرجل من كسبه وذلك انه قال لما أنذره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنار : إن كان ما تقول حقا فإني أفتدي الله عليه وآسله وسلم بالنار : إن كان ما تقول حقا فإني أفتدي بمالي وولدي. ثم أنذره سبحانه بالنار فقال (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) أي سيدخل نارا ذات قوة واشتعال تلتهب عليه وهي نار جهنّم ، وفي هذا دلالة على صدق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحة نبوته لأنه أخبر أن أبا لهب يموت على كفره وكان كما قال (وَامْرَأَتُهُ) وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كانت تحمل الشوك والعضاة فتطرحه في طريق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا خرج إلى الصلاة ليعقره (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي في عنقها حبل من ليف ، وإنما وصفها بهذه الصفة تخسيسا لها وتحقيرا.
سورة الاخلاص
مكية وآياتها أربع آيات
١ ـ ٤ ـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) هذا أمر من الله عزّ اسمه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقول لجميع المكلفين هو الله الذي تحق له العبادة قال الزجاج : هو كناية عن ذكر الله عزوجل ومعناه : الذي سألتم تبيين نسبته هو الله أحد ، أي واحد ، وقيل معناه : واحد ليس كمثله شيء عن ابن عباس (اللهُ الصَّمَدُ) قال زيد بن علي عليهالسلام الصمد الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأصنافا وأشكالا وأزواجا وتفرد بالوحدة بلا ضدّ ولا شكل ولا مثل ولا ندّ (لَمْ يَلِدْ) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ولا سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا ينبعث منه البدوات كالسنة والنوم والخطرة والغم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والجوع والشبع ، تعالى أن يخرج منه شيء ، وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف (وَلَمْ يُولَدْ) أي ولم يتولد من شيء ، ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء ، والدابة من الدابة ، والنبات من الأرض ، والماء من الينابيع ، والثمار من الأشجار ، ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين ، والسمع من الأذن ، والشم من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ، والنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء ، مبدع الأشياء وخالقها ، ومنشىء الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته ، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه ، فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وفيه دلالة على انه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو في مكان ولا جهة.
سورة الفلق
مدنية وآياتها خمس آيات
١ ـ ٥ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) هذا أمر من الله سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد جميع أمته ومعناه : قل يا محمد أعتصم وامتنع برب الصبح وخالقه ومدبّره ومطلعه متى شاء على ما يرى من الصلاح فيه (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) من الجن والإنس وسائر الحيوانات ؛ وإنما سمي الصبح فلقا لانفلاق عموده بالضياء عن الضلام كما قيل له : فجر لانفجاره بذهاب ظلامه وقيل : الفلق : جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم