سورة طه
مكية. وهى مائة وخمس وثلاثون آية. ووجه مناسبتها لما قبلها قوله : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) (١) مع قوله : (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ، كأنه يقول : فإنما سهلناه عليك لترتاح به لا لتتعب. ثم افتتحها برموز بينه وبين حبيبه ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤) الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (٨))
قلت : عن ابن عباس أن (طه) من أسماء الله تعالى ، وقيل : معناه : طوبى لمن هدى ، وقيل : يا طاهر يا هادى ، فالطاء تشير إلى طهارته صلىاللهعليهوسلم وتطهيره من دنس الحس ، والهاء تشير إلى هدايته فى نفسه ، وهدايته غيره إلى حضرة القدس.
وروى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لى عشرة أسماء ..» فذكر أن منها «طه ويس» ، وقيل : معناه : طأ الأرض بقدمك ؛ لأنه كان يرفع رجلا فى الصلاة ويضع أخرى فى طول تهجده ، فأبدل الهمزة ألفا ، والضمير للأرض ، ورد بأنه لو كان كذلك لكتبت بالألف ، فإنّ الكتابة بصورة الحرف مع التلفظ بخلافه من خصائص حروف المعجم. وقيل : معناه : يا رجل. وهو مروى عن ابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم ، وهو عندهم على اللغة النبطية ، أو السريانية (٢). قيل : من جعل معنى (طه) يا رجل ، لم يقف على طه ، وكذا من جعله اسما للنبى صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن النداء تنبيه على ما بعده ، ومن جعلها افتتاحا ، أو على وجه من الوجوه المذكورة فى البقرة ، وقف عليها ، إلا فى قول من جعلها قسما ، فإنه لا يقف عليها ؛ لأن قوله : (ما أَنْزَلْنا ...) إلخ جواب قسم.
__________________
(١) من الآية ٩٧ من سورة مريم.
(٢) انظر تفسير البغوي (٥ / ٢٦٢) ، وزاد المسير (٥ / ٢٦٩).