ـ (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦].
أنظر النحل : ٢٦ من الأمالي ، ١ : ٣٤٠.
ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحج : ٥٢].
[فإن قيل : ما معنى هذه الآية] أو ليس قد روي في ذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما رأى تولّي قومه عنه شقّ عليه ما هم عليه من المباعدة والمنافرة ، وتمنّى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب بينه وبينهم ، وتمكّن حبّ ذلك في قلبه ، فلمّا أنزل الله تعالى عليه (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) وتلاها عليهم ، ألقى الشيطان على لسانه ـ لمّا كان تمكّن في نفسه من محبّة مقاربتهم ـ : «تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهنّ لترتجى» ، فلمّا سمعت قريش ذلك سرّت به وأعجبهم ما زكّى به آلهتهم ، حتّى انتهى إلى السجدة فسجد المؤمنون وسجد أيضا المشركون لمّا سمعوا من ذكر آلهتهم بما أعجبهم ، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلّا سجد ، إلّا الوليد ابن المغيرة ؛ فإنّه كان شيخا كبيرا لا يستطيع السجود ، فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها ، ثمّ تفرّق الناس من المسجد وقريش مسرورة بما سمعت ، وأتى جبرائيل عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم معاتبا على ذلك ، فحزن له حزنا شديدا ، فأنزل الله تعالى عليه معزّيا له ومسليا (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) الآية.
الجواب : قلنا : أمّا الآية فلا دلالة في ظاهرها على هذه الخرافة الّتي قصّوها وليس يقتضي الظاهر إلّا أحد أمرين :
إمّا أن يريد بالتمنّي التلاوة كما قال حسّان بن ثابت :
تمنّى كتاب الله أوّل ليله |
|
وآخره لاقى حمام المقادر |
أو يريد بالتمنّي تمنّي القلب ، فإن أراد التلاوة ، كان المراد [أنّ] من أرسل قبلك من الرسل كان إذا تلا ما يؤدّيه إلى قومه حرّفوا عليه وزادوا فيما يقوله ونقصوا ، كما فعلت اليهود في الكذب على نبيّهم ، فأضاف ذلك إلى الشيطان ؛