التي يتعلّق بها التحريم والتحليل اقتضت ما ذكرناه ، فلا يجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبيّن أحوال من أبطن الردّة والكفر لأجل هذه الأحكام التي ذكرناها ، لأنّها لا تتعلّق بالمبطن وإنّما تتعلّق بالمظهر.
وليس كذلك الزنا ، وشرب الخمر ، والسرقة ؛ لأنّ الحدّ في هذه الأمور يتعلّق بالمبطن والمظهر على سواء ، وإنّما يستحقّ بالفعلية التي يشترك فيها المعلن والمسرّ (١).
ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩)) [النور : ٤ ، ٥].
[فيها أمران : الأوّل : أن سأل سائل فقال :] هل الاستثناء بالتوبة عائد إلى جميع الجمل ، ومؤثّر فيها ، أو هو مختصّ بما يليه.
قلنا : إنّ القاذف عندنا إذا تاب وكذّب نفسه في القذف تقبل شهادته ، وهذا إنّما قلناه بدليل هو غير ظاهر الاستثناء ؛ لأنّا قد بيّنّا أن تعقّب الاستثناء للجمل لا يجب القطع على عوده إليها أجمع إلّا بدلالة ، وقد أجمعت الإماميّة على الحكم الّذي ذكرناه في الآية ، وإجماعهم حجّة ، على ما دللنا عليه في غير موضع ، ولو لم يثبت ذلك وثبت أنّ إجماع المؤمنين حجّة بالآيات ، أو بغيرها على ما يذهب إليه مخالفونا ، لكان إجماع الإماميّة هو الحجّة ؛ لأنّ الحقّ فيهم ، والمؤمنون هم ، ولمّا أجمعوا على أن الاستثناء بالتوبة يزيل اسم الفسق ، وهذا لا خلاف بين أحد فيه ، وأجمعوا أيضا على أنّه يفيد حكم قبول الشهادة ، قلنا به ، ولمّا لم يجمعوا على أن التوبة تزيل الحدّ ، وتسقطه ، لم نجعل الاستثناء راجعا إلى إقامة الحدّ خاصة.
وممّا يمكن الاستدلال به على قبول شهادة القاذف بعد توبته ـ لا من جهة الإجماع الّذي أشرنا إليه ـ كلّ ظاهر في القرآن يقتضي قبول شهادة الشاهدين
__________________
(١) الانتصار : ٢٤٢.