واجب ولا لازم ؛ لأنّ الإجماع وإن لم يوجد في تسمية صاحب الكبيرة بالنفاق أو غيره من الأسماء كما وجد في تسميته بالفسق فغير ممتنع أن يسمّى بذلك لدليل غير الإجماع ، ووجود الإجماع في الشيء ، وإن كان دليلا على صحّته ، فليس فقده دليلا على فساده ؛ وواصل إنّما ألزم عمرا أن يعدل عن التسمية بالنفاق للاختلاف فيه ، ويقتصر على التسمية بالفسق للاتّفاق عليه ، وهذا باطل ، ولو لزم ما ذكره للزمه أن يقال : قد اتّفق أهل الصلاة على استحقاق صاحب الكبيرة من أهل القبلة الذمّ والعقاب ، ولم يتّفقوا على استحقاقه التخليد في العقاب ، أو نقول إنّهم اجمعوا على استحقاقه العقاب ، ولم يجمعوا على فعل المستحق به ، فيجب القول بما اتفقوا عليه ، ونفي ما اختلفوا فيه.
فإذا قيل استحقاقه للخلود ، أو فعل المستحقّ به من العقاب ، وان لم يجمعوا عليه ، فقد علم بدليل غير الإجماع ؛ قيل له مثل ذلك فيما عوّل عليه ، وبطل على كلّ حال أن يكون الاختلاف في القول دليلا على وجوب الامتناع منه ، وهذا ينتقض بمسائل كثيرة ذكرها يطول.
على أنّ المقدمة التي قدّمها لا تشبه ما ألزم عليها ، لأنّ الإجماع أولى من الاختلاف فيما يتعارض ويتقابل ، والإجماع والاختلاف في الموضع الذي كلّم عليه واصل عمرا في مكانين ؛ لأنّ الإجماع هو على تسميته بالفسق ، والاختلاف هو في تسميته بما عداه من الأسماء ، فلا تعارض بينهما ؛ وله أن يأخذ بالإجماع في موضعه ، ويعوّل فيما الاختلاف فيه على دلالة غير الإجماع ، لأنّ فقد الإجماع من القول لا يوجب بطلانه (١).
ـ (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [النور : ٢٠]
أنظر يوسف : ٢٤ من التنزيه : ٧٣.
ـ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النور : ٢٤].
اعلم أن الله تعالى وان كان عالما بجميع المعلومات وغير مستفيد بالمسائلة
__________________
(١) الأمالي ، ١ : ١٧٧.