ـ (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) [النور : ٣٣].
وممّا انفردت به الإمامية أنّه لا يجوز أن يكاتب العبد الكافر ، وأجاز باقي الفقهاء ذلك (١) ، وقد دللنا على نظير هذه المسألة في مسائل العتق والتدبير ، وما دللنا به هناك هو دليل في هذا الموضع (٢).
ويمكن أن يستدل على ذلك أيضا بقوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) فلا يخلو المراد بالخير أن يكون المال أو الصناعة وحسن التكسّب على ما قاله الفقهاء أو المراد به الخير الذي هو الدين والإيمان ، ولا يجوز أن يراد بذلك المال ولا المكتسب ؛ لأنّه لا يسمّى الكافر والمرتد إذا كانا موسرين أو متكسبين ، خيّرين ، ولا أنّ فيهما خيرا ؛ ويسمّى ذو الإيمان والدين خيرا ، وإن لم يكن موسرا ولا متكسبا ، فالحمل على ما ذكرناه أولى ، ولو تساوت المعاني في الاحتمال لوجب الحمل على الجميع (٣).
ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٣٥].
ويوصف تعالى بأنه «منوّر» على وجهين : أحدهما : أنه تعالى فاعل النور ، والآخر : بمعنى أنه ناصب للدلالة على الحق.
ولا يوصف تعالى بأنه «نور» على سبيل الحقيقة ، وقوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معناه أنه منوّرها ، أو فاعل لأهل السماوات والأرض من الدلالة والبيان ما يستضيؤن به ، كما يستضاء بالنور (٤).
ـ (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)) [النور : ٤٠]
أنظر الأحزاب : ١٠ من الأمالي ، ١ : ٣٢١.
__________________
(١) أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٣ : ٣٢٢.
(٢) راجع الانتصار : ١٦٨ و ١٦٩ و ١٧٢.
(٣) الانتصار : ١٧٤.
(٤) الذخيرة : ٥٩٥.