وجوه شتّى ؛ ولأنّ المقصود بالخيل والحمير الركوب والزينة ، وليس أكل لحومها مقصودا فيها ، ثمّ انّه لا يمنع من الحمل على الحمير والخيل ، وإن لم يذكر الحمل وإنّما خصّ الركوب والزينة بالذكر.
وأكثر الفقهاء (١) يجيزون أكل لحوم الخيل ، ولم يمنع تضمّن الآية ذكر الركوب والزينة خاصّة ، من أكل لحوم الخيل ، وكذلك الحمير ... (٢).
ـ (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) [النحل : ٩].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) [النحل : ١٠].
[إن سأل سائل] فقال : إذا كان الشجر ليس ببعض للماء كان كما الشراب بعضا له ؛ فكيف جاز أن يقول : (وَمِنْهُ شَجَرٌ) بعد قوله : (مِنْهُ شَرابٌ)؟ وما معني (تُسِيمُونَ)؟ وهل الفائدة في هذه اللفظة هي الفائدة في قوله : (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) (٣) ، وقوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ) (٤)؟
الجواب : قلنا في قوله تعالى : (وَمِنْهُ شَجَرٌ) وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد منه سقى شجر ، وشرب شجر ؛ فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه ؛ وذلك كثير في لغة العرب ، ومثله قوله تعالى :(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (٥) ، أي حبّ العجل.
والوجه الآخر : أن يكون المراد : ومن جهة الماء شجر ، ومن سقيه وإنباته شجر ؛ فحذف الأوّل وخلفه الثاني ؛ كما قال عوف بن الخرع :
__________________
(١) اختلاف الفقهاء (للطحاوي) ، ١ : ٧٧.
(٢) أجاب السيد رحمهالله عمّا يرويه المخالفون على خلاف ظاهر القرآن ، بأنّها أخبار آحاد والعمل بها في الشريعة غير جائز ، راجع الانتصار : ١٩٣ و ١٩٤ وأيضا الناصريات : ٤٤٠.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٤.
(٤) سورة هود ، الآيتان : ٨٢ ، ٨٣.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٩٣.