وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) شرحا لصورته وبيانا عن حاله المقتضية لضمّ أخيه إليه في الرسالة ، فلم يكن مسألته إلّا عن أذن وعلم وثقة بالإجابة (١).
ـ (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)) [الشعراء : ١٩ ، ٢٠]
فإن قيل : فما معنى قول فرعون لموسى عليهالسلام : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) إلى قوله عليهالسلام : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) وكيف نسب عليهالسلام الضلال إلى نفسه ، ولم يكن عندكم في وقت من الأوقات ضالّا؟.
الجواب : قلنا : أمّا قوله : (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) فإنّما أراد به من الكافرين لنعمتي ، فإنّ فرعون كان المربي لموسى عليهالسلام إلى أن كبر وبلغ ، ألا ترى إلى قوله تعالى حكاية عنه : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) (٢).
وأمّا قول موسى عليهالسلام (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ، فإنّما أراد به الذاهبين عن أنّ الوكزة تأتي على النفس ، أو أنّ المدافعة تفضي إلى القتل. وقد يسمّى الذاهب عن الشيء أنّه ضالّ ويجوز أيضا أن يريد أنّني ضللت عن فعل المندوب إليه من الكفّ عن القتل في تلك الحال والفوز بمنزلة الثواب (٣).
ـ (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) [الشعراء : ٣٢] (٤).
[إن سأل سائل فقال : ما تقولون في هذه الآية حكاية عن موسى عليهالسلام] وقال في موضع آخر : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) (٥).
والثّعبان هو الحيّة العظيمة الخلقة ، والجانّ الصغير من الحيّات ، فكيف اختلف الوصفان والقصة واحدة؟ وكيف يجوز أن تكون العصا في حالة واحدة بصفة ما عظم خلقه من الحيّات ، وبصفة ما صغر منها؟ وبأيّ شيء تزيلون التناقض عن هذا الكلام؟
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ١٠٤.
(٢) سورة الشعراء ، الآية : ١٩.
(٣) تنزية الأنبياء والأئمّة : ١٠٣.
(٤) سورة الشعراء ، الآية : ٣٢.
(٥) سورة القصص ، الآية : ٣١.