ـ (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [القصص : ٢٧].
فان قيل : ما معنى قول شعيب عليهالسلام وكيف يجوز في الصداق هذا التخيير والتفويض؟ وأيّ فايدة للبنت فيما شرط هو لنفسه وليس يعود عليها من ذلك نفع؟.
الجواب : قلنا : يجوز أن تكون الغنم كانت لشعيب عليهالسلام ، وكانت الفايدة باستيجار من يرعاها عائدة عليه ، إلّا أنّه أراد أن يعوّض بنته عن قيمة رعيها فيكون ذلك مهرا لها ؛ وأمّا التخيير فلم يكن إلّا ما زاد على ثماني حجج ولم يكن فيما شرطه مقترحا تخييرا ، وإنّما كان فيما تجاوزه وتعدّاه.
ووجه آخر : أنّه يجوز أن تكون الغنم كانت للبنت وكان الأب المتولّي لأمرها والقابض لصداقها ؛ لأنّه لا خلاف أنّ قبض الأب مهر بنته البكر البالغ جائز ، وأنه ليس لأحد من الأولياء ذلك غيره ، وأجمعوا أنّ بنت شعيب عليهالسلام كانت بكرا.
ووجه آخر : وهو أن يكون حذف ذكر الصداق ، وذكر ما شرطه لنفسه مضافا إلى الصداق ؛ لأنّه جائز أن يشترط الولي لنفسه ما يخرج عن الصداق. وهذا الجواب يخالف الظاهر ؛ لأنّ قوله تعالى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص : ٢٧] يقتضي ظاهره أنّ أحدهما جزاء على الآخر.
ووجه آخر : وهو أنّه يجوز أن يكون من شريعته عليهالسلام العقد بالتراضيّ من غير صداق معيّن ، ويكون قوله : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) على غير وجه الصداق ، وما تقدّم من الوجوه أقوى (١).
ـ (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ...) [القصص : ٥٦]
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٩٨.