هذا المعنى أيضا ، لأنّ الراعي يجعل في المواضع التي يرعاها علامات أو كالعلامات بما يزيله من نباتها ، ويمحوه من آثارها ؛ فكأنّ الأصل في الكلّ متّفق غير مختلف.
وقال لبيد في التوسيم الذي هو التعليم :
وغداة قاع القرنتين أتينهم |
|
رهوا يلوح خلالها التسويم (١) |
أراد التعليم.
وأمّا قوله في الملائكة : (مُسَوِّمِينَ) ؛ فالمراد به المعلمين ، وكذلك قوله تعالى : (حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً) أي معلمة ؛ وقيل : إنّه كان عليها كأمثال الخواتيم (٢).
ـ (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) [النحل : ١٥].
أنظر المائدة : ٢٨ ، ٢٩ من الأمالي ، ١ : ٤٣ ويونس : ٨٨ من التنزيه : ١٠٦.
ـ (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٢٦].
[إن سأل سائل] فقال : ما الفائدة في قوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) ؛ وهو لا يفيد إلّا ما يفيده قوله : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) ؛ لأنّ مع الاقتصار على القول الأوّل لا يذهب وهم أحد إلى أنّ السقف يخرّ من تحتهم؟
الجواب : قيل له في ذلك أجوبة :
أوّلها : أن يكون «على» بمعنى «عن» ، فيكون المعنى : فخرّ عنهم السقف من فوقهم ؛ أي خرّ عن كفرهم وجحودهم بالله تعالى وآياته ، كما يقول القائل : اشتكى فلان عن دواء شربه ، فيكون «على» و «عن» بمعني من أجل الدّواء ؛ وكذلك يكون معنى الآية فخرّ من أجل كفرهم السّقف من فوقهم ؛ قال الشاعر :
__________________
(١) ديوانه : ١٠٤ / ١ وفي حاشية بعض النسخ : بعد هذا البيت :
بكتائب رجح تعوّد كبشها |
|
نطح الكباش كأنهنّ نجوم |
والقرنتان : موضع ، ورهان في السير رهوا أي رفق.
(٢) الأمالي ، ١ : ٥٧٦.