بائن ، وهي أملك بنفسها. وإن جعل الاختيار إلى وقت بعينه ، فاختارت قبله ، جاز اختيارها ، وإن اختارت بعده لم يجز.
وروى ابن بابويه عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام : إذا خيّرها وجعل (١) أمرها بيدها في غير قبل عدّة من غير أن يشهد شاهدين فليس بشيء ، فإن خيّرها وجعل (٢) أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدّتها فهي بالخيار ما لم يفترقا ، فإن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحقّ برجعتها ، وإن اختارت زوجها فليس بطلاق (٣).
ولم نذكر هذا الخبر احتجاجا بأخبار الآحاد التي لا حجّة في مثلها. وإنّما ؛ أوردناه ليعلم أنّ المذهب في جواز التخيير بخلاف ما حكي ، والروايات في هذا الباب كثيرة ظاهرة ، ولو لا الإطالة لذكرناها.
وقد ذكر أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمّي رحمهالله : إنّ أصل التخيير هو أنّ الله تعالى أنف لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على مقالة قالتها بعض نسائه ، وهي قول بعضهن : أيرى محمد أنّه إذا طلّقنا لا نجد أكفاءنا من قريش يتزوجّنا ، فأمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يعتزل نساءه تسعة وعشرين ليلة فاعتزلهن ، ثمّ نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩)) فاخترن الله ورسوله ، فلم يقع الطلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبن ، انقضت الحكاية من ابن بابويه (٤).
ولست أدري ما السبب في إنكار من أنكر المتخيّر للمرأة ، وهل هو إلّا توكيل في الطلاق ، فالطلاق ممّا يجوز الوكالة ، فإن فرّق بين أن يوكل غيرها في طلاقها ويجعل إليه إيقاع فرقتها ، وبين أن يوكّل نفسها في ذلك (٥).
ـ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ
__________________
(١ ـ ٢) في المصدر «أو جعل».
(٣) من لا يحضره الفقيه ، ٣ : ٣٣٥.
(٤) نفس المصدر ، ٣ : ٣٣٤.
(٥) الرسائل ، ١ : ٢٤١.